محمد الخلف |
عندما اندلعت الثورة في سورية كان للأكراد دور فيها كباقي المكونات السورية التي غنَّت للحرية وقتها، إلى أن تسلطت عليهم الأحزاب الانفصالية بدعوى حماية مناطقهم من قصف قوات النظام، إلا أن ذلك كان بالتنسيق مع قوات النظام التي فقدت السيطرة على معظم مناطق سورية، لتبدأ الأحزاب الانفصالية بترسيخ مشروعها الانفصالي، مستخدمة ” التجنيد الإجباري “للشباب الكرد رجالاً ونساء؛ للوصول إلى هذا الهدف، مقدمة حججاً واهية تتمثل بضرورة الدفاع عن الشعب الكردي و أراضيه، رغم عدم وجود أي تهديد من الثوار أو أي طرف آخر لأكراد سورية.
اللافت للنظر هو تجنيد المرأة من قبل الميليشيات الانفصالية ، فعلى مرّ التاريخ ربما لم يشهد النساء إجبارًا على القتال وخوض الحروب، إذ قاربت نسبة النساء في هذه الميليشيات 35% ، وقسم كبير منهنَّ دون سن 18، وهذا يدل على أن هذه الأحزاب لا تهتم إلا لمشروعها الانفصالي ولو على حساب فناء الشعب الكردي.
هذه الميليشيات قدمت نفسها حليفاً للولايات المتحدة في الحرب على التنظيم، وزادت التكلفة البشرية التي تقدمها في مواجهة التنظيم، مما جعلها تعاني من نقص حاد في الجنود، وبدا ذلك واضحاً في ضعف سير العمليات العسكرية، إضافة إلى ازدياد تجنيدها للأطفال والفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عامًا وزجهم في خطوط الجبهات لتعويض النقص، وهذا ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” التي تتحدث عن تزايد نسبة تجنيد الأطفال والفتيات إلى خمسة أضعاف عن السنوات السابقة، لتبرر هذه الميليشيات عمليات تجنيد الأطفال وزجهم في المعارك دون إنكار ذلك، مدعية تجنيدهم بموافقة الوالدين، إلا أن تقارير “هيومن رايتس ووتش” نقلت عن أهالي أطفال الذين قامت المليشيات بتجنيدهم قولهم: “إن عمليات التجنيد تتم دون موافقتهم، أو عن طريق الخطف، ودون أن نعرف شيئًا عن أطفالنا، أو إلى أين تم سوقهم.”
تسيطر الميليشيات الانفصالية على الكثير من المدن والقرى العربية ذات البنية العشائرية، وتسعى لفرض التجنيد الإجباري على أبنائها، مستغلة المجالس العسكرية التي أنشأتها لهذه الغاية، إضافة إلى بعض شيوخ العشائر الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم، لتجنيدهم عن طريق الترغيب بالرواتب مستغلة انتشار الفقر وكثرة البطالة وغلاء المعيشة، أو بحجة الدفاع عن مناطقهم من عودة التنظيم، ليكونوا أداة لمشروع لا ناقة لهم فيه ولا جمل، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نسبة قتلى العرب في مواجهة التنظيم في الرقة وريف دير الزور هي 98% ، مما دفع أبناء المناطق العربية للخروج بمظاهرات وإضرابات للمطالبة بوقف التجنيد الإجباري، كما حصل في منبج مؤخراً، وهذه الخطوة يجب أن تعم جميع المناطق العربية والكردية، للوقوف بوجه هذه الميليشيات التي تسعى لقيادة أهالي المناطق بكل أطيافهم نحو مشروع يهدد وجودهم، ويضعهم في مواجهة الدول المحيطة، كما حصل في العراق من هجوم الجيش العراقي على القوات الكردية لمنعها من الانفصال عن العراق، وما يحصل في سورية، حيث تقوم تركيا وفصائل الثورة بخوض حرب على هذه الميليشيات لمنعها من إتمام مشروعها الانفصالي.
فيما تستمر قيادة الميليشيات الكردية الانفصالية في السير في مشروعها، معتقدة أن الولايات المتحدة سوف تضمن لها نجاحه، متناسية أن الولايات المتحدة باعت الأكراد في العراق، وهذا ما ستفعله في سورية لاحقًا عندما تنتهي مهمة الميليشيات في محاربة التنظيم، ليبقى الخاسر الأول تجنيد الفتيات والفتية دون سن 18 بشكل قسري.