من منَّا لم يأكل شعيبياتها أثناء صعوده إلى جبل الأربعين في الصيف، أو أثناء الاستراحة وهو ذاهب إلى مصايف اللاذقية؟! لماذا اشتهرت بصناعة الشعيبيات؟ وكم عمر هذه الصناعة؟ صحيفة حبر الأسبوعية أجرت زيارة إلى مدينة أريحا لرصد هذه المهنة العريقة التي اشتهرت بها والتقت (أحمد حج عرابي) الذي توارث المهنة من أبيه وأجداده، فحدثنا بقوله: “منذ 40 سنة كنت أساعد والدي في عمل الشعيبيات وقد تعلمت صناعتها منه، وتعلم والدي عند أعمامه منذ 90 سنة تقريباً.”
ما هو تاريخ صناعة الشعيبيات في أريحا ولماذا سميت شعيبيات؟
“منذ 200 سنة تقريبًا اشتهرت عائلتين فقط بصناعة الشعيبيات في أريحا بحسب كلام الكبار وهم عائلة صلاحو وعائلة قربون لكنهم هاجروا إلى دير الزور.
قديمًا بدأت صناعة الشعيبيات في البيوت وعلى الفحم أو التنور، وكانت تسمى بالأكلة (الشعبية) ولم تكن الشعيبية على هذا الشكل، بل كانت تصنع من طحين قمح صاغ وتعجن بالزبدة البلدية وكانت حشوتها قشطة عربية أو لباء وكانت تحلى بالعسل الطبيعي لأن السكر لم يكن متوفرًا.
كان والدي يعمل بصناعة الخبز المشروح بطريقة بدائية يدوية بالكامل في الفرن الحجري، وفي نهاية الخبز كان يبقى هناك حرارة في الفرن، فأصبحوا يصنعون فيه الشعيبيات، ثم أصبحوا يحشونها بالفستق الحلبي أو الجوز ويبيعونها للمسافرين على الطريق.
أخبرني والدي أن أمين الحافظ رئيس سورية في السابق كان يأتي مع وفد إلى جبل الأربعين كل فترة، وأيضاً وزير الدفاع محمد خير بدوي، وكانوا يأكلون الشعيبيات في مصايف جبل الأربعين.”
كيف تصنع الشعيبيات اليوم وما هي المكونات الأساسية لها؟
“المكونات هي الطحين والماء والسمن والسكر والحشوة لباء أو قريشة أو جوز أو فستق حلبي.
طريقة الصناعة نعجن الطحين بالماء ونقطع العجين ثم نتركه، ثم نضع فيه السمنة ونريحها ثم نلفها ونورقها ثم نحشيه ونضعها في الصواني وندخلها إلى الفرن ثم نخرجها ونضيف القطر إليها.”
كيف تسوّقون بيع الشعيبيات، وكم شعيبية تبيعون في اليوم؟
“يختلف الإقبال على الشعيبيات في الصيف عن الشتاء، ونبيع في الصيف أكثر من الشتاء لأن أكثر الزبائن يأتون من خارج أريحا إلى جبل الأربعين.
رغم الكساد العام بسبب الأوضاع نبيع باليوم الواحد 250 شعيبية، وسعر الشعيبية يبدأ من 150 ليرة حشوة قريشة و200 ليرة حشوة جوز و300 ليرة حشوة فستق حلبي.”
كيف تطورت صناعة الشعيبيات؟
“تطورت بالنسبة إلى راحة الصانع، فدخلت العجانة وأخذت مكان العامل الذي يعجن يدويًّا، وأيضًا تطورت الأفران وأصبح هناك أفران غاز، والمواد الأولية كلها أصبحت متوفرة”.
(عبد الرحيم تلجة) من سكان أريحا مواليد 1960 قال: “عندما كان عمري 10 سنوات عام 1970 كنت أشتري الشعيبية بـ 90 قرشًا وكانت تصنع بغير هذه الطريقة، وكان طعمها أطيب بكثير من الآن. وأذكر أيضًا أنني في سنة 1980 عندما كنت أدرس الحقوق في الجامعة العربية في بيروت، كان الجيران والأصدقاء في لبنان يطلبون مني أن أشتري لهم شعيبيات من أريحا عند عودتي إلى بيروت وكان سعر الشعيبية 4 ليرات.
الأمر الذي ساعد على شهرة مدينة أريحا بصانعة الشعيبيات يعود إلى موقعها على الطريق الذي يصل مدينة حلب بمدينة اللاذقية، فأريحا عبارة عن استراحة للركاب، والسبب الثاني طبيعتها الجميلة لأن جبل الأربعين يعدُّ مصيفًا يقصده أهل مدينة حلب بالذات، والأهم أن من بدأ بصناعة الشعيبيات أتقن هذه الصناعة.
كان في الماضي أربعة محلات لصناعة الشعيبيات وكانوا النواة لشهرتها، وبعد فترة أصبح هناك إقبال على هذه الصناعة بسبب الطلب المتزايد للشعيبيات أثناء استراحة الركاب، وحاليًّا وصل عدد محلات صناعة الشعيبيات إلى 50 محل تقريباً فقط في أريحا”.
يعود سر بقاء أي مهنة للتطور الذي يطرأ عيها والحفاظ على الجودة، وما زالت شعيبية أريحا تنافس على مستوى الشعيبيات رغم وجود الحلويات الحلبية المشهورة والنابلسية الدمشقية وحلاوة الجبن الحموية.