عمار العلي |
شهد الشمال السوري في الفترة الأخيرة ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الأدوية، أدى إلى خلق أزمة حقيقية عند الناس وخصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة.
حيث ارتفعت الأسعار بشكل جنوني وغير معقول في ظل انخفاض قيمة صرف الليرة السورية وسيطرة النظام السوري على المعامل التي كانت تغذي المناطق المحررة بالدواء.
وفي لقاء خاص لصحيفة حبر مع (مصطفى الأحمد) مسؤول صيدلية (آية الخيرية) في مدينة إدلب، قال: “إلى الآن لم يثبت سعر صرف الأدوية، فكل صيدلية تتحكم بالصنف الذي لديها لقلة الأدوية في السوق، وخصوصًا بعد إغلاق المعابر مع النظام.”
وأضاف: “كما استصدرت نقابة الصيادلة بإدلب قرارًا بتوحيد سعر الدواء بالعملة التركية، ولكن للأسف أصناف عديدة لا تتوفر، والدواء زاد عمليًا بقيمة 150 ٪عن السعر الأصلي.”
وأردف (الأحمد): “أصناف عديدة وكثيرة فُقِدت من السوق، وللأسف منها ما هو مؤثر على الحياة، كأدوية الضغط، وإن بقي الوضع هكذا فستكون كارثة.
وبالرغم من وجود العديد من المنظمات التي تبذل الجهد لتأمين الأدوية، لكن للأسف الفارق كبير بين الوارد والمستهلك، كما أننا نبذل كافة الجهود ونناشد دائمًا بزيادة الوارد الكمي والنوعي للأدوية لتفادي أي كارثة قادمة.
وبخصوص إدخال الأدوية من تركيا، أوضح (الأحمد): “بحسب معرفتي، لا يوجد تصريح تركي رسمي بإدخال الأدوية عن طريق المعابر، وحتى إن تم الأمر، فسعر الدواء في تركيا أغلى بكثير من سورية بسبب الضرائب على المعامل والشركات الدوائية وفارق العملة الكبير أيضًا.
كما تعتمد العديد من المستودعات في إدخال الدواء على الطرق غير الشرعية، وبذلك لا يكون هناك تكامل نوعي للدواء بسبب خطورة وصعوبة إدخال الأدوية.”
وفي حديث آخر لصحيفة حبر مع الدكتور (محمد حاج حمود) مسؤول دائرة الرقابة الصيدلانية في صحة إدلب، قال: “يعتمد المحرر على ثلاثة مصادر للدواء، هي المعامل التي كانت في ريف حلب التي سيطر عليها النظام مؤخرًا، والمصدر الثاني هو الدواء المستورد الذي يدخل عن طريق باب الهوى ومنها الأدوية التي تأتي بها المنظمات الخيرية، وكذلك المعامل المحلية التي أغلقت أغلبها وبقي منها معمل واحد فقط.”
واضاف: “كانت أزمة الدواء في المحرر بسبب انخفاض قيمة صرف الليرة السورية وتثبيت النظام تسعيرة الدواء، حيث قامت المعامل بتخفيض قيمة الإنتاج وبعضها توقف، فتشكلت أزمة دوائية في مناطق النظام أيضًا .
كما أن بعض شحنات الأدوية تأتي من مناطق النظام عن طريق التهريب، ويدفع عليها مبالغ ضخمة تأخذها حواجز قوات النظام، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.
أما الأدوية المستوردة عن طريق باب الهوى، فتسد جزءًا من الاحتياجات، وبعضها مستورد للقطاع الخاص، ويكون سعرها مرتبط بالدولار، وهذا يؤدي إلى ارتفاع سعرها.
ونحن في المديرية نقوم بالتنسيق مع نقابة الصيادلة ومع الجهات الصحية الأخرى ومع الممثلين عن المستودعات، والهدف ضمان توريد دائم للأدوية، لضمان عدم انقطاع الدواء، وكذلك إيجاد صيغة مشتركة مقبولة لتحديد أسعار الأدوية ومراعاة قدرة الناس على الشراء، ومراعاة أوضاع المرضى ذوي الأمراض المزمنة .”
كما التقينا مع (أبو عبدالله) أحد النازحين إلى المناطق الحدودية، وقال: “عندي طفل يبلغ من العمر ٣ سنوات، وعنده التهاب سحايا وأمراض صدرية مزمنة، وقد أخذته إلى الطبيب وأعطاه وصفة علاجية لمدة ٦ أشهر، وأجد صعوبة كبيرة في تأمين الأدوية بسب غلاء سعرها وفقدان بعضها من السوق.”
والجدير بالذكر أنه تم إغلاق بعض الصيدليات من قبل أصحابها بسب تأرجح الأسعار بشكل مستمر وبفارق كبير، وكذلك احتكار بعض الصيدليات للأدوية المفقودة والمهمة.