تصادف يوم الرابع من نيسان ذكرى وفاة الفنان السوري خالد تاجا الذي برع في الأعمال الدرامية والكوميدية وفي أنماط وبيئات فنية مختلفة، واشتهر بتماهيه مع الدور والحرص على تقديم أفضل ما لديه دائماً.
كان تاجا معروفاً بمعارضته لنظام الأسد، وكان واحداً من الفنانين الذين عارضوا سياسة الأسد وصرحوا بذلك قبل قيام الثورة السورية ومع ذلك فقد رفض مغادرة البلاد وبقي فيها بل وحتى أجرى مقابلة في قلب دمشق تحدث فيها عن الواقع الأمني والسياسي في سورية في ظل حكم آل الأسد.
وتحدث تاجا في المقابلة التي يرجح بأنها كانت السبب في اعتـقاله ومقتله فيما بعد عن الممارسات الوحشية لنظام الأسد وقمـعه للناس وإسكاتهم وتخويفهم، وقال بأن العدو الخارجي معروف لما جميعاً، أما العدو الأخطـر فهو العدو الداخلي، قاصداً بذلك النظام ورجاله ومؤسساته الأمنية (بحسب ما روجت مواقع إعلام معارضة).
والممثل السوري الراحل خالد تاجا، ولد في السادس من تشرين الثاني عام 1939 في حي ركن الدين بدمشق، في الثامنة من عمره اكتشف أنّه مولع بالرسم وأُغرم بخيال الظل، وفي العاشرة من عمره بدأ يتردد على مسارح دمشق، وأدى بعد سنوات بطولة عملين مسرحيين من تأليف وإخراج أحد أساتذته في المرحلة الثانوية.
وانتقل عام 1956 إلى فرقة “المسرح الحر”، وضمت الفرقة نخبة من الفنانين الكبار أمثال صبري عياد، وحكمت محسن، وأنور البابا وكان يرأسها الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي، ليقدم حينها عدداً من أدواره على الخشبة وينتقل إلى الكتابة والإخراج المسرحيين.
في عام 1965، اختار المخرج اليوغسلافي بوشكو فوتونوفيتش الفنان الراحل لبطولة فيلم “سائق الشاحنة” الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما في دمشق عام 1966، بعدها، ابتعد خالد تاجا عن العمل الفني 12 عاماً حين اكتشف أن السرطان أصاب إحدى رئتيه بسبب ولعه بالتدخين، ما أدى إلى استئصالها.
وفي أواخر السبعينيات، وقف معه الفنان الراحل طلحت حمدي ليعود مجدداً إلى العمل، ومنذ ذلك الحين وحتى وفاته لم ينقطع ظهوره على الشاشة، حيث شارك تاجا خلال مسيرته الفنية في أكثر من 130 مسلسلاً، أبرزها “هجرة القلوب إلى القلوب، أيام شامية، جريمة في الذاكرة، يوميات مدير عام، أخوة التراب.
إضافة إلى أعمال أخرى تركت له أثراً كبيراً كمسلسل التغريبة الفلسطينية الذي أدى دوره فيه على أكمل وجه وراح في الشخصية إلى أبعاد إبداعية عميقة، ومن أعماله الشهيرة ايضاً مسلسل الفصول الأربعة الراسخ في ذاكرة السوريين، وأعمال أخرى تطول قائمتها.
ومن أفلامه “رجال تحت الشمس، عودة حميدو، الفهد زواج بالإكراه، عروس من دمشق، بنات آخر زمن، “غراميات خاصة، أيام في لندن، شيء ما يحترق، نصف ملغ نيكوتين، وكان آخرها دمشق مع حبي في العام 2010.
وتجدر الإشارة إلى أن الفنان الراحل خالد تاجا اعتبر أحد أفضل خمسين ممثلاً في العالم، بحسب مجلة التايم الأميركية، كما لقبه الشاعر محمود درويش”أنطوني كوين العرب”.
وحاز خالد تاجا على العديد من الجوائز منها تكريم في مهرجان بودابست ببلجيكا عام 2010، والميدالية الذهبية في مهرجان دمشق السينمائي التاسع، والجائزة الذهبية لأفضل ممثل في مهرجان القاهرة الحادي عشر.
إضافة إلى درع تكريمي عن دوره في مسلسل التغريبة الفلسطينية في أبو ظبي عام 2005، وجائزة لجنة التحكيم للدراما السورية أدونيا عام 2005، ودروع مختلفة من جهات عديدة.
وكان الفنان الراحل تاجا أسس قبره بنفسه وكتب عليه “مسيرتي حلم من الجنون، كومضة شهاب زرع النور بقلب من رآها، لحظة ثم مضت”، كما حمل جملة “منزل الفنان محمد خالد بن عمر تاجا من مواليد عام 1939”.
ورحل تاجا في الرابع من نيسان عام 2012 دون تأكيد لسبب الوفاة وكان وقتها يصور مشاهده في مسلسل “الأميمي”، بعد مسيرة حافلة ميزتها ملامحه المعجونة بالزمن والفن والابداع، مخلفاً فراغاً في الدراما السورية، ومكاناً لمبدع عظيم لا ند له.