حسن كنهر الحسين |
مع إغلاق كافة المعابر في الشمال المحرر، وعدم وجود سوق لتصريف المنتجات، في ظل التخوف من انتشار فايروس كورونا، يواجه المزارعون في ريف إدلب الغربي صعوبات وتحديات كبيرة مع بداية موسم قطاف “الجارنك”، حيث إن جميع المعابر بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة النظام أغلقت، وحتى الحدود التركية السورية أغلقت بشكل شبه كامل، وهذا أدى إلى انقطاع المنطقة عن العالم الخارجي في ظل اكتفاء الشمال المحرر بالمنتجات الزراعية المحلية، وأثر سلبًا على المزارعين في المنطقة الغربية من الشمال السوري، التي تشتهر بمحاصيلها الصيفية والأشجار المثمرة، (كاللوز الأخضر، والجارنك)، ونتيجة لتلك العوامل السابقة، انخفضت أسعار بعض المحاصيل الزراعية لا سيما (الجارنك) بنسبة تجاوزت800% وانعكس ذلك سلبًا على أصحاب البساتين في تلك المناطق.
يقول (مصطفى بنبوك) أحد المزارعين في بلدة سلقين لصحيفة حبر: “بعد إغلاق الحدود نتيجة التخوف من فايروس كورونا، أثر ذلك سلبًا على الأسواق، فانخفضت أسعار (الجارنك) ثمانية أضعاف مقارنة مع السنوات الماضية، حيث تم بيع الكيلو الواحد بقيمة 4200ل.س، أي ما يساوي 8 دولا قبل أن يرتفع سعر صرف الدولار، في حين تم بيعه هذا العام بقيمة 1200ل.س للكيلو الغرام الواحد، أي ما يساوي 1دولار”.
ويتابع (بنبوك): “إن سعر (الجارنك) هذا العام لا يوازي اتعابه، ولم يحقق قيمة تكاليفه من رش وسقاية وحراثة وأدوية وعمال ومواد أخرى ارتفع سعرها مع ارتفاع قيمة الدولار”.
انخفاض أسعار (الجارنك) وغيرها من المنتجات الزراعية خلف أزمة على أصحاب تلك البساتين الذين قرروا إبقاء تلك الثمار معلقة بأغصانها ريثما تتحسن الأسعار، وهذا أدى بدوره إلى انخفاض نسبة فرص العمل التي كان يوفرها هذا الموسم، وبالتالي انعكس الأمر سلبًا على معظم العمال والمهجرين والنازحين في هذه المنطقة من حارم إلى دركوش مرورًا بسلقين، حيث يعتمد الأهالي في هذه الفترة على قطف ثمار الجارنك.
يقول (عبد القادر الشردوب) من بلدة حارم الذي امتنع عن قطاف ثمار الجارنك من بستانه ريثما تتحسن أسعاره ليتم تصديره: “إذا استمر هذا الوضع كما هو عليه، وبقيت المعابر مغلقة، فالعديد من المزارعين سيمتنعون حتى عن قطف محاصيلهم؛ لأن تكلفة القطاف وإيجار العمال كبيرة، إذا ما قورنت بالأسعار الحالية للثمار في الأسواق، فكيف إذا تدهورت هذه الأسعار كما هو متوقع، عند ذلك ستكون عملية القطاف خسارة أخرى تضاف إلى خسارة المزارعين في المنطقة”.
ما إن ينتهي المزارعون من قطاف (الجارنك) حتى يتم تعبئته في صناديق خاصة ويتم نقله إلى الأسواق المحلية في كل من بلدتي (دركوش، وحارم) حيث يوجد في تلك المناطق عدد من التجار الذين يقومون بشرائه وتهريبه للخارج بطرق خاصة وبتكلفة كبيرة تقدر بـ 3000ل.س لتهريب الكيلو غرام الواحد وفق أحد التجار، حيث إن قيمة التهريب تلك يتم خصمها من المزارعين، وهو ما يعده المزارعون ظلمًا بحقهم إذ يعدون التّجار هم الرابح الوحيد من تلك العملية.
يأمل أصحاب بساتين (الجارنك) في الشمال السوري انتهاء أزمة كورونا قريباً، وعودة الحياة إلى شكلها السابق، كي يبيعوا محاصيلهم بأسعار مناسبة، ويصدروا الثمار للمناطق الأخرى، فالوضع الاقتصادي في الشمال المحرر سيء للغاية حتى قبل انتشار أزمة كورونا حول العالم.