سارة عنبر – أخصائية نفسية |
إن من أكبر المشاكل التي أثارت انتباهي وشدت عقلي للتفكير بها هي: الطفل السوري، الذي أصبح نتيجة الحرب المعاشة فيه ومعه من أهم القضايا الإنسانية التي تشغل بال كثير من المنظمات وأصبحت حتى الشغل الشاغل والوحيد لها. ولكن دون أن تقدم شيء ذو فائدة بل تكتفي بتقديم الاحتياجات الأساسية.
لو أن كل هذه المنظمات المعنية بالطفل وحده اتجهت لتربية الطفل على الإبداع واكتشاف فرص الحياة التي أنتجتها الحرب عليه، أليس هذا أفضل بكثير له. الأمر الذي أريد أن أعقب عليه والذي أريد أن أوجه عقولنا عليه هو ألا نستخدم الطفل أداة لنا بحرب هو ليس له أي ذنب له بها، الأفضل من كل هذا أن نتوجه الى ذات الطفل، قدراته، إمكانياته، نكتشف من الألم أمل له، أن نعمل على تطوير هذا الكائن الصغير ونستبدل الألعاب والأنشطة الغير هادفة بعمليات نفسية اختصاصية أكثر، أن نستثمر وقت الطفل بأمر يفيده ويجعله أكثر مرونة على مواجهة الأحداث الصادمة التي تمر عليه، أن يكون وقت الأنشطة الممارسة عليه ذا وقت مضبوط أكثر، علينا أن نتوجه إلى هذا الطفل الذي عايش الحرب مدة سبع سنين أن يكون قضية حقيقية لنا نعمل على تطويرها، لا ذريعة لنا لإكمال مشروع أو عمل نصل إليه ومن خلاله لمبتغانا.
لا شك أن الطفل السوري عايش أحداث مؤلمة تفوق طاقته وقدرته على تحملها، كم من أطفال سلبت منهم الحروب حقهم في الحياة حقهم بأن يكونوا بشر، الطفل غير قادر على التعبير الصريح عن المشاعر كما الكبار، لهذا وجد ما يسمى الأنشطة الداعمة للطفل في ظل الحروب وأنا لا أنكر تأثيرها الواضح والعميق على شخصيته وتحويله لطفل يملك صلابة ومرونة نفسية، لكن ما أود النظر به ألا تكون هذه الأنشطة هي المرتكز لنا لحماية الطفل وتكون شغلنا الشاغل بحمايته في ظل الحروب.
فنتيجة تجربتي الشخصية لي في العمل ضمن منظمات العمل الإنساني الخاصة للطفل وجدت: أنه كلما كان تركيزنا على غاية العمل وصورته الخارجية كلما أنشأنا أطفال هشين من الداخل، بينما لو عمقنا نظرتنا وعملنا مع الطفل وجعلناه أكثر اختصاصا، وركزنا على تطوير الجوانب القوية في الطفل واستغلالها وتنميتها لأفضل ذروة كلما كنا قادرين على تكوين شخصية قوية من الداخل قادرة على تحمل الضغوط والتكيف مع الظروف والأحداث المفاجئة، فليكن الطفل قضيتنا الإنسانية حقا.
وهناك ما يسمى إرشاد الموهوبين والمتفوقين، هذا ما أريد التأكيد عليه، لو أننا أنشأنا بكل مركز خاص للطفل قسما خاصا لتنمية المواهب والإمكانيات التي تم كبتها نتيجة الأحداث والضغوط غير المألوفة للطفل لوجدنا جيلا مبدعا يملك طاقات هائلة. وصفوة القول هي إنني أتوجه بكلماتي هذه إلى كافة شرائح الشعوب التي عايش أطفالها الحرب وأخص به الجمهور القارئ، الطفل هو ذروة سنام الأمة فعلينا أن نجعله قضيتنا الحقيقية أن يكون الطفل أملنا بغد مشرق لا وسيلة لنا لتحقيق مشاريع معينة، أن نترك أثرنا به لا أثر الحرب عليه.
طرحت مشكلة أراها موجودة في بلادنا وأترك لكل من يقرأ هذه الكلمات فن البحث عن الحل والتغيير الأجدى لنا جميعا. وأنهي بقول الدكتور وليد الفتيحي: “أن أطفالنا أرض خصبة بين أيدينا وما نزرعه اليوم نحصده نحن ومجتمعاتنا في الغد وإننا لمحاسبون عما نزرع فلنتقي الله فيما نزرع”.
1 تعليق
د.عبدالله العبدالله
ماشاء الله ، بوركتم على هذه الكلمات .