جهاد جمال
بات واضحاً لدى الجميع بأنَّ القوى العالمية لا تخفي دعمها للأحزاب الانفصالية الكردية بهدف إقامة كيانهم المزعوم، وتتعدد أنواع الدعم المقدم لهذه الأحزاب انطلاقاً من الدعم العسكري الحقيقي على الأرض كحماية لهم، وكذلك الدعم السياسي عبر وضع شروط وبشكل دائم في كلِّ المحافل الدولية والدبلوماسية لإشراك هذه الأحزاب بالمفاوضات بحجة اضطهادهم وشنِّ الحروب عليهم بهدف تهجيرهم وإبادتهم، وكذلك الدعم الإعلامي عبر تصويرهم بأنَّهم الأكثر تضرراً من المتشدِّدين الإسلاميين، وهم الأكثر انضباطاً وتنظيماً، ويمكن الاعتماد عليهم فقط في محاربة تنظيم الدولة مع العلم أنَّ الظاهر والواضح وضوح الشمس هو تضرر مدنيي المناطق المحررة بشكل كبير جداً سواء أكان قتلاً أم تدميراً.
إلا أنّ الآلة الإعلامية التي يتمُّ تسخيرها لتصوير مظلومية الأكراد بشكل عام تفوق كلَّ تصور؛ لأنَّ الهدف من كلِّ ذلك اكتساب شرعية قوية من شعوب تلك الآلات الإعلامية، وكذلك من المجتمع الدولي عبر التصوير المضلل الذي يتمُّ بثُّه لهم، وكذلك الضغط على كلِّ الوسائل الإعلامية لتغييب حقيقة التهجير القسري الذي تجريه تلك الأحزاب في القرى العربية التي تحتلها لإجراء التغيير الديموغرافي المطلوب لإقامة دولتهم المزعومة.
ولا يخفى على أحدٍ ما هي الفوائد التي يمكن أن تجنيها تلك القوى من إقامة الكيان الكردي في الشمال السوري خاصةً بعد دعمه عسكرياً شيئاً فشيئاً ليكون القوة الضاربة في سورية، وليوجهوه باتجاه الشرق بحجة محاربة داعش للسيطرة على حقول النفط والفوسفات الموجودة في تلك المناطق التي يعلم جميعنا بأنَّها سوف تكون تحت سيطرة تلك القوى، وهي موارد مالية ضخمة تأتي إلى هؤلاء الداعمين بأقل الخسائر، فقط من خلال مداعبة أحلام الأكراد في إقامة الكيان المزعوم، وبالتالي دفع أبناء الكرد المنضوين تحت تلك الأحزاب للقتال لتحقيق هذا الحلم.
أمَّا من ضمن الخطط الاستراتيجية التي يسعى إليها هؤلاء الداعمون هو الاستفادة من عقود الإعمار التي سوف تتم إقامتها من خلال تمويل دولي، حيث يتمُّ التنويه لها بين الحين والأخر في المحافل الدولية، وكذلك ضمان عمل الشركات العابرة للقارات المصنعة للسلاح من خلال فتح سوق جديد سيتسبب بإنعاشها للحقد والكراهية التي تعمل عليها تلك القوى في المنطقة من خلال دعم تلك الأحزاب ودفعها لاحتلال القرى والمناطق العربية، وجعل شلال الدماء يستمر في التدفق من كلا الطرفين.
وأمَّا بالنسبة إلى بعض دول الخليج، فيتمُّ العمل على استنزافها شيئا فشيئا، وإرغامها على تحمل نفقات الحرب وتبعاتها بحجج أصبحت بالية ومعروفة للجميع، ولذلك لا عجب إن شهدنا جنيف 100 لأنَّ المطلوب استمرار الصراعات في المنطقة العربية إلى أقصى حدٍّ ممكن.