سلوى عبد الرحمن
بعد عدمِ تمكنِهم من الحصول على جائزة نوبل للسلام 2016 فاز أصحاب “الخوذ البيضاء” بجائزة الأوسكار في هوليوود عاصمة السينما العالمية.
يعتبر حفل توزيع جوائز الأوسكار حدثاً يحصد ملايين المشاهدات في عالم السينما كل عام.
“الخوذ البيضاء” فيلم وثائقي قصير، يتحدث بلمحة قصيرة عن أعمال فرق ورجال الدفاع المدني الذين يعملون في مناطق سورية المحررة أثناء قصف النظام السوري وروسيا لبيوت المدنيين، والفيلم من إعداد وإخراج “أورلاندو فون آينسيدل”، ومن تصوير “خالد الخطيب” الشاب السوري.
وفي حديث مع مدير الدفاع المدني في سوريا “رائد الصالح” لــ صحيفة حبر قال: ” كان شعورًا رائعاً لحظة حصولنا على الجائزة، لقد أعطانا الفوز حافزا للاستمرار في بذل مزيد من الجهود لإنقاذ الأبرياء، شعرنا بأنَّه مازال هناك الملايين ممَّن يقدرون جهودنا ويسمعون صوت السوريين الذين يتعرضون للقصف يوميًا ويتضامنون معهم، بهدف إيقاف القتل ونزيف الدم الذي ترتكبه كلاً من روسيا وقوات النظام بحق الآلاف من المدنيين دون ضوابط دولية”.
وتابع الصالح: ” منذ بداية عملنا في 2013 سعينا لتنظيم فرقنا تحت مسمى الدفاع المدني السوري، ونحاول المشاركة بكل المحافل الدولية المتعددة، جاءتنا دعوات من قبل الأمم المتحدة والمنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان والشؤون الطبية، ونعمل على زجِّ مزيد من النساء من خلال مشروع تمَّ طرحه على المستوى الوطني لفتح 64 مركزاً خاصاً بالنساء لتقديم الرعاية الصحية لهنَّ وللأطفال في الحالات الباردة وحالات الولادة”.
تنتشر فرق الدفاع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وتقدم خدماتها لأكثر من سبعة ملايين سوري، وتمكنت من إنقاذ 182 ألف مدني، وتتكون من 120 مركزاً في مناطق متفرقة، ويبلغ عدد عناصرها 3000 شخص، وهي منظمة حيادية غير منحازة لأي حزب أو جماعة، وتتلقى الدعم من منظمات إغاثية مختلفة وعدة دول غربية.
توجهت أصابع الاتهام للخوذ البيضاء من قبل النظام وحلفائه بأنَّهم منظمة غير حيادية، ويعملون مع جماعات متطرفة كالنصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية، ويسبب عملهم انزعاجا كبيرا للنظام منذ بداية انطلاقتهم، فاعتبرهم الأسد إرهابيين يتبعون لمنظمة وهمية تعمل على تشويه الحقائق، أمَّا الجانب الروسي فقد اتّهم رجال الخوذ البيضاء على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيته ماريا زاخاروفا: “باتباع وسائل غير شرعية للحصول على الجوائز” وأضافت مستهزئة: “إنَّ من يسمون أنفسهم بالقبعات البيضاء يسعون للحصول على جائزة نوبل ويدّعون أنَّهم يقومون بإنقاذ الناس عبر تصوير مقاطع فيديو صغيرة انتهازية، ويقومون بنشرها على يوتيوب”.
ورداً على زاخاروفا قال الصالح: ” فوزنا كافٍ للردِّ على السيدة ماريا وغيرها من حلفاء النظام، ويكفينا فخراً أنَّ رسالتنا لامست مشاعر أشهر فناني العالم في هوليوود، ومن الطبيعي أن تنزعج روسيا وتعمل على تشويه الحقائق؛ لأنَّنا تمكنّا من توثيق جرائمها مع النظام من خلال هذا الفيلم الذي عمل على فضحهم، فبينما هم يقتلون الناس نعمل على إبعاد الموت عنهم، وكلُّ طفل أو امرأة أو رجل ننقذهم سيساهمون في مستقبل سوريا”.
بعيداً عن ساحة الحرب إلى مسرح الأوسكار لم يكن الطريق سهلاً، بل كان معبداً بالبراميل والصواريخ والقنابل التي راح ضحيتها ما يقارب 162 عنصراً من الدفاع المدني، بخوذهم البيضاء التي ترمز للسلام، ومن تحت الأنقاض والركام، يبحثون عن الحياة التي يحاول النظام وروسيا دفنها بإجرامهم.