باسل عبود |
إعادة الإعمار معزوفة قديمة للنظام السوري بدأها في سنوات الثورة الأولى بالتوازي مع حملته الممنهجة في تدمير البلاد، لكن الجديد في الأمر الحديث الدولي عن إعادة الإعمار على اعتبار أن الحرب في سورية تضع أوزارها.
إذا كان الاقتصاد هو المحرك الرئيس لسياسات الدول، فلا شك أن موقف الدول الداعمة للنظام جاء تماشيًا مع مصالحها الاقتصادية في الدرجة الأولى، فروسيا مثلا أوعزت للحكومة السورية رفض مشروع خط أنابيب للغاز القطري عبر الأراضي السورية ثم تركيا فأوروبا، لأن المشروع في حال نجاحه كان سيدمر أحلام بوتينالقيصرية في إبقاء أوروبا بحاجة الغاز الروسي المرتفع الثمن مقارنة بالغاز القطري فضلاً عن الابتزاز الروسي للدول الأوروبية المتعطشة للطاقة.
روسيا اليوم ترى في أموال إعادة الإعمار التي تقدر بين 300 إلى 400 مليار دولار الغنيمة الكبرى لاقتصادها المتهالك بفعل العقوبات، يشاطرها في ذلك كل من إيران والنظام السوري فهما ليسا في حال أفضل. لكن السؤال الأبرز في كل ما سلف من سيدفع تكاليف إعادة الإعمار المزمعة؟!
قبل فترة قصيرة تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن على من دمر سورية (في إشارة للأسد) أن يعيد بناءها، وأن الدول تنشب بينها حروب مقابل بعض مليارات الدولار فما بالك بالمئات منها!
إن جميع الدول المنخرطة في الملف السوري تعاني من أزمات اقتصادية وليس لديها القدرة على المدى المنظور لتقديم أي أموال إضافية لإعادة الإعمار.
في حين أعلن الرئيس الأمريكي أن السعودية ستدفع نيابة عن الولايات المتحدة تكاليف إعادة الإعمار نجد في الوقت نفسه أكبر عجز يسجل في الميزانية السعودية بفعل حرب اليمن وانخفاض أسعار النفط ليكون هذا التعهد لا يعدو سوى حبر على ورق.
أما الدول الأوروبية فتعاني من مظاهرات واضرابات تطالب بتحسين الواقع المعيشي ورفع الأجور في وقت يعلو فيه صوت اليمين المتطرف الرافض للاجئين وللإنفاق حتى عليهم.
إن موضوع إعادة الإعمار لبلد ذي إمكانات اقتصادية محدودة كسورية لا يعدو كونه كذبة، فحكومة النظام السوري عاجزة عن تأمين أبسط حقوق المواطن من خبز وتدفئة.
العراق الذي تبلغ ميزانيه أضعاف ميزانية سورية إلى اليوم يعاني من نقص الخدمات وتدني البنية التحتية رغم عشرات مؤتمرات إعادة الإعمار والوعود من الدول المانحة.
نأمل ألا ينضم ملف إعادة إعمار سورية إلى ملفات إعمار غزة والعراق … إلخ التي ضاعت بين رفوف الأمم المتحدة ومؤتمرات الداعمين.
في حين تغرق مخيمات النازحين بمياه الأمطار يحق لمن يسكن تلك المخيمات أن يسأل كيف سيعاد بناء سورية؟!