بقلم علي المحمود”أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”أي أظننتم أنَّكم ستدخلون الجنة من دون ابتلاءات؟ إنَّ الحق سبحانه ينفي هذا الظن ويقول: ليس الأمر كذلك، بل لابدَّ من تحمل تبعات الإيمان، فلو كان الإيمان بالقول لكان الأمر سهلا، لكن الذي يُصَعِبُ الإيمان هو العمل، أي حمل النفس على منهج الإيمان.أي فلا تظنوا أنَّكم أمَّة متميزة من غيركم في أمر الاختبار، فأنتم لن تدخلوا الجنة بلا ابتلاء، بل على العكس سيكون لكم الابتلاء على قدر النعماء.أنتم ستأخذون مكانة عالية في الأمم، ولذلك لابدَّ أن يكون ابتلاؤكم على قدر مكانتكم، فإن كنتم ذوي مكانة عالية وستحملون الرسالة الخاتمة، فلا بدَّ أن يكون ابتلاؤكم على قدر عظمة مسؤوليتكم ومهمتكم.إنَّ قول الله: “وَلَمَّا” يفيد بأَّن ما حدث للذين من قبلهم من ابتلاء عليهم سيقع على المؤمنين مثله.وعندما نتأمل قوله الحق: “وَزُلْزِلُواْ” يعني أصابتهم الفاجعة الكبرى، المتكررة وهي لا تتكرر على نمط واحد، إنَّما يتعدد تكرارها، فمرة يأخذها الإيمان، ثمَّ تأخذها المصائب والأحداث، وتتكرر المسألة حتَّى يقول الرسول والذين آمنوا معه” مَتَى نَصْرُ اللَّهِ” فيأتي بعده القول: ” أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ “لقد بلغ الموقف في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاختبار والابتلاء إلى القمة، ومع ذلك واصل الرسول والذين معه الاستمساك بالإيمان. لقد مستهم البأساء والضراء وزلزلوا، أي أصابتهم رجفة عنيفة هزتهم، حتى وصل الأمر من أثر هذه الهزة أن ” يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ” حتى جاءهم التبشير من بعد ذلك في قوله الحق: “أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”.