يتفاخر النظام ومؤيدوه بقوة الاقتصاد السوري ومناعته تجاه حرب كونية يواجهها منذ ثماني سنوات كما يقول، ولكن ما حقيقة هذه القوة؟ وكيف تُحافظ الليرة السورية على سعر معقول رغم أنها خسرت عشرة أضعاف قيمتها؟
القتال هو أحد أهم ما يحرك الاقتصاد السوري ويحافظ على سعر الليرة من الانهيار، وربما لهذا الأمر يود النظام وداعموه إطالة أمد الحرب في سورية؛ لأن الأرباح التي تحققها لجيوبهم الخاصة كثيرة جداً، بدءاً من المساعدات الدولية التي تُؤمن جزءًا كبيرًا من القطع الأجنبي الذي يدخل خزينة الدولة وليس انتهاء بكمية العقود الكبيرة التي يوقعها النظام مع الروس والإيرانيين التي تُسلمهم معظم ثروات البلد ليتقاسموها مع بضعة رجالات محسوبة على النظام، وبالأخص الفوسفات والبترول والغاز، بالإضافة إلى تأمين سعر الصرف بالقوة، عن طريق المؤسسة الأمنية للمصرف المركزي التي تعتقل كل من يخالف تسعيرتها، خاصة أن المعلومات عن خلو المركزي من أي احتياطي نقدي متداولة بشدة، والتداولات الدولية بالليرة السورية معدومة منذ أمد بعيد.
إن توقف الحرب فجأة دون ضمان دخول أموال الإعمار سيكشف العوز الاقتصادي الكبير في مناطق النظام، وما وصلت إليه هذه المناطق حالياً من الفقر هو أحد أبرز المؤشرات على ذلك. ففي الداخل السوري أكثر من 300 مخيم يسكنها حوالي مليوني سوري جميعهم تحت خط الفقر، ويعتمدون على المساعدات الدولية. والمكتب الإحصائي الرسمي قال: “إن نسبة السوريين تحت خط الفقر تتجاوز 50 % من الشعب.”
الدولتان الأساسيتان المتحالفتان مع النظام هما دولتان فاشلتان اقتصادياً وتعانيان فقراً مُدقعاً وبطالة كبيرة، لذلك في حال استتب لهما الأمر لن يستطيعا عمل أي شيء يُحسِّن من وضع الاقتصاد سوى زيادة استغلاله، ونهب ثرواته من خلال الاتفاقيات، أمّا الحرب فهي تُؤمن تدخلاً دولياً جيدًا، ولو بنسب ليست كافية.
لذلك فإن الروس يضغطون على الأوروبيين للقبول ببدء إعادة الإعمار والاستثمار في سورية، وتعمل على اجتذاب اللاجئين من أجل أن تقدم براهين للأوربيين أن العمل بات ممكناً والبلاد في طريقها للاستقرار، وفي حال أقرت الولايات المتحدة قانون سيزر، فهذا سيعني انتهاء حلم إعادة الإعمار دون حل سياسي، وسيتبين انهيار الاقتصاد بشكل واضح، وستبدأ هجرة جديدة للناس تجاه المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
فكيف سيصدق الناس أن الأوضاع ستتحسن وجميع السيناريوهات القادمة تبدو أشد مأساوية من الوضع المزري حالياً؟!
المدير العام | أحمد وديع العبسي