معن بكور |
مشكلة تأمين المياه في مدينة إدلب شمال غربي سورية ليست جديدة على سكان المدينة، إلا أنها في فصل الصيف خاصة، تبقى الهاجس الأول بالنسبة إلى العوائل التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية نظرًا لفقدان قيمة الليرة السورية؛ ومن عدم وجود فرص عمل كافية لسد حاجات المنزل من آجار وكهرباء، وغير ذلك من مستلزمات (تكسر ظهر) صاحب المنزل.
)ياسر أبو خالد) من أهالي مدينة اللطامنة شمال حماة مقيم في مدينة إدلب بعد التهجير القسري الأخير من مدينته يتحدث لحبر عن صعوبة تأمين المياه بقوله: “أسكن مع عائلتي المكونة من زوجتي وطفلين في حي (الضبيط) بمدينة إدلب في الطابق الرابع، وأعمل في مجال الألمنيوم؛ أذهب إلى عملي منذ الصباح وحتى الخامسة مسا؛ أعاني من عدم إمكانية استجرار المياه إلى منزلي لأسباب كثيرة، منها عدم إمكانية شراء (شفَّاط) لسحب المياه بسبب أعباء المنزل الكثيرة، وبسبب عدم التوافق بين وقت مجيء المياه والكهرباء بآن واحد؛ فضلًا عن امتلاك الجيران في الطوابق السفلية لمولدات أو ألواح طاقة تسهّل عليهم تعبئة خزاناتهم بشكل سريع ودون عناء، فاضطر مجبرًا لشراء المياه من الصهاريج المنتشرة في ساحات المدينة بثمن غالٍ نتيجة غلاء مادة الوقود تماشيًا مع ارتفاع صرف الليرة السورية مقابل الدولار.”
يضيف أبو خالد: “منذ سنة أسكن في ذات المنزل، لكني لم أرَ حتى اللحظة نقطة ماء تنزل من صنبور الشركة بسبب طمع الكثير من الجيران بتشغيل المولدات وألواح الطاقة حتى انقطاع المياه؛ وبعد أن أصابني اليأس من عدم وصول المياه إلى منزلي لم أعد اكترث بالأوقات التي يتم ضخ الماء فيها.”
(صحيفة حبر) التقت المهندس (حسين أبو عبدالله) أحد العاملين في منظمة لاستجرار المياه الجوفية وتمديد الخطوط الرئيسة للأحياء السكنية وإصلاحها، حيث حدثنا عن أسباب المشكلة بقوله: “إن مصادر المياه في الشمال السوري باتت محدودة، ولا يوجد حتى اللحظة استيعاب من الأهالي لتلك المشكلة، بالإضافة إلى مشكلة أخرى وهي حفر بعض المزارعين الآبار الجوفية بحثًا عن المياه لسقاية محاصيلهم الزراعية، فانعكس ذلك سلبًا على المخزون الجوفي للمياه دون وعي أو رادع يمنعهم من ذلك.”
وأشار (أبو عبدالله) إلى ” وجود مشكلة كبيرة تتغاضى عنها المنظمات وحتى الأهالي، وهي مشكلة شبكات الصرف الصحي في ظل الكثافة السكانية الكبيرة والتجمعات كالمخيمات والمدن المزدحمة وبالخصوص منطقة إدلب، وسط تخوف من أن تصل مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية، وبالتالي وجود أمراض وأوبئة كثيرة لا يستطع الشمال السوري من الناحية الصحية التي يعانيها أن يضبطها أو يتحكم فيها. “
وتطرق (أبو عبدالله) في حديثه إلى أنه “حين يتم تمديد شبكة مياه أو دعم محطة ضخ، فإن هناك استهتار من بعض الأهالي بعدم تركيب عدادات مياه أو (فواشة) رغم ثمنها الزهيد، وعدم الاهتمام بذلك يسبب هدرًا كبيرًا من المياه؛ حيث إن أغلب المنظمات تضع تكاليف تشغيلية هائلة في ظل ارتفاع مادة الوقود، إضافة إلى الصيانة؛ حيث تم رصد عدة خطوط فرعية مضروبة دون أن يقوم صاحب المنزل بإصلاحها؛ إذ إن مهمة المنظمات إصلاح الخطوط العامة وليس الخطوط الفرعية لكل منزل.”
يشار إلى أن المؤسسة العامة لمياه الشرب في مدينة إدلب وجهت نداء استغاثة إلى أهل الخير بمساعدتها لتفعيل الآبار الداخلية بالمدينة لزيادة حصة الفرد من أجل حمايته من العطش، حيث إن حصة الفرد لا تتعدى 15 لترًا في اليوم الواحد، والمدينة باتت تفقد خضرتها رويدًا رويدًا التي طالما تغنت بها بين محافظات سورية.