تدور عجلة الأحداث في سورية وتعود إلى إدلب التي مازالت علامة الاستفهام ترافق مستقبلها حتى الآن.
تركيا وبعد تنظيف حدودها في شمال سورية من الخطر الذي تخشاه (الأحزاب الكردية) لم تعد تريد المخاطرة في شمال سورية، فاختارت الاستمرار في تطهير حدودها من خطر الميليشيات الكردية المسلحة وملاحقتهم حتى في العراق لتعلن على الملأ أن هدفها ليس الشمال السوري إنما حماية حدودها وأمنها الداخلي.
الحكومة التركية شرعت للمستثمرين على أراضيها البدء بالدخول في مناقصات المشاريع الاقتصادية والحيوية التي ستخدم المناطق المحررة في شمال سورية، ومنها تغذية المناطق المحررة في شمال سورية بالكهرباء، وحسب ما ذكر بعض المستثمرين السوريين في تركيا فهي تنوي توريد الكهرباء لمنطقة عفرين فقط، ولا يوجد خطط حيوية وتنموية واستثمارات لمنطقة إدلب، لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، وذلك إشارة صريحة من القادة الأتراك إلى أن إدلب ليست لتركيا ولن تكون في المستقبل، ووجودها عبر نقاط المراقبة داخل إدلب هو أمر مؤقت لتنفيذ الخطط والاتفاقات التي أُبرمت مع روسيا وإيران لتهدئة الأوضاع وضمان تنفيذ السلام وإنهاء الحرب في سورية في أقصر مدة ممكنة.
أكبر خطر بات يهدد إدلب ينبع من داخلها بعد نزوح الكثير من المناطق إليها وتجمع مئات الآلاف من كل بقاع سورية ضمن منطقة باتت تعدُّ من أعلى مناطق العالم بالكثافة السكانية، وهنا ثمة احتمالات عدة لزعزعة إدلب وريفها منها التدخل تحت شماعة مكافحة الإرهاب، ومنها استمرار مسلسل الاغتيالات وتطويره ليصل إلى حرب أهلية عبر تنفيذ عمليات تضرب التعايش الموجود بين النازحين، فأي خلاف أو فتنة قد تودي بالمنطقة لحرب أهلية قد تنهي الجميع لأن خروج الثوار من باقي المناطق سواء في الغوطة أو ريف حمص أو درعا بالمستقبل القريب مع أسلحتهم الفردية له معانٍ ودلالات كثيرة على أرض الواقع قد يكون النظام يهيئ لإشعال المنطقة في المستقبل وحرقها بنار الحرب الأهلية وفتح الطريق له للسيطرة عليها دون عناء أو تعب.
من منا يتمنى هذا المصير لإدلب؟! حكمًا لا أحد سوى أعداء الثورة التي ولدت يتيمة وتبناها كذابون أرباب مصالح لتعود يتيمة كما وُلدت، لكن المؤشرات تنذر بأمر عظيم سيحصل في المستقبل مع غياب الوعي التام من قبل الفصائل التي تسيطر على إدلب لاختلافها وتناحرها والتي تتفق بعدم وجود رؤية مستقبلية أو خطط أمنية فيما بينها وتحتاج لصحوة كي تنقذ وتحافظ على ما تبقى من الثورة، وهنا أصبحت الثورة تعني إدلب بعد اقتراب حسم النظام لمناطق الجنوب السوري في درعا وريفها، وهنا لابد لنا من السؤال عن مصير إدلب ولمن ستكون السيطرة الدولية فيها.