عبد الملك قرة محمد |
أجرت صحيفة حبر حوارًا مطولاً مع السيد (نصر الحريري) حول عدة أمور تهم السوريين أبرزها: قانون قيصر، واتفاق إدلب، واللجنة الدستورية، ومسألة سقوط الأسد.
السيد نصر الحريري رئيس الائتلاف الوطني أهلاً وسهلاً بكم في صحيفة حبر، دعنا نتحدث عن أهم ما تقومون به (خلال الأسابيع الماضية) لتوفير حشد دولي داعم للشعب السوري بوجه نظام الأسد
“بداية أشكر اهتمامكم، وأتمنى لصحيفتكم استمرار النجاح في تقديم رسالتها من خلال نقل الحقائق وكشف ما يحتاج السوريون إلى معرفته على كل المستويات وفي كل المناطق، والمساهمة في دعم ثورة الشعب السوري إعلاميًا.
كافة أعمالنا تركز على التحديات الأكثر أهمية، وهي بناء الموقف الدولي المطلوب من أجل الضغط على النظام، ولكي نعزز فرص الضغط على الأطراف الفاعلة فإننا نعمل على توسيع تمثيلنا الدولي والأممي لتعزيز العلاقات المشتركة مع الدول الصديقة والشقيقة للشعب السوري.
نخطط لافتتاح ممثليات جديدة في أمريكا وبعض الدول الأوروبية، وبدأنا بتعيين ممثلين دبلوماسيين.
نعمل باستمرار على تدعيم الشرعية الدولية للائتلاف، واستثمار هذه الشرعية لتحسين وضع الثورة السورية، وفي هذا الإطار نعمل على تعزيز علاقتنا مع السوريين المغتربين واللاجئين، وقد وجهت لهم دعوات من أجل التواصل معنا والبدء بخطوات تنسيقية لدعم نضال الشعب السوري.
عملنا منذ فترة على تطوير شبكة علاقاتنا الإقليمية والعربية والدولية، لكن الخطة بحاجة المزيد من التطوير والعمل، خاصة فيما يتعلق بتعزيز دور الائتلاف مع المحيط العربي أو المحيط الإسلامي أو لدى هيئات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.”
ما هي رؤيتكم المستقبلية التي ستعملون عليها لتفعيل وتطوير عمل الائتلاف ومؤسسات المعارضة بشكل عام؟
“نعمل على تفعيل وتشغيل مؤسسات الائتلاف وهيئاته ومكاتبه ودوائره..، وكذلك الحكومة السورية المؤقتة وجميع وزاراتها والمجالس المحلية بأقصى طاقة لها.
نمد يدنا لكل من يريد أن يتعاون معنا من تيارات وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني ومستقلين.. كل من يريد أن يعمل فيدنا بيده.
نتائج هذه الرؤية بدأت بالظهور، وهناك ردود فعل إيجابية على أداء مؤسسات الائتلاف نأمل أن تصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت وأن تتحدث هي عن نفسها بدل أن نشير نحن إليها.
هذا هو المحور الرئيس الذي نعمل عليه، نحن ندرك بأن شرعية الائتلاف بقدر ما هي منبثقة من تمثيله للشعب السوري ومطالب ثورته هي أيضًا منبثقة من إنجازاته ومن فعالية مؤسساته ونجاحه في تحقيق ما يقع على عاتقه من مسؤوليات جمة، نريد أن نركز على العمل والإنجاز وتوفير الدعم للحكومة ودعم المسار السياسي.
أجرينا اجتماعات ثنائية مع عدد من مكونات الائتلاف، وهناك جولة من الاجتماعات المنتظرة مع بقية المكونات، النتائج واعدة ونتائج الخطوة إيجابية جدًا. الاستفادة من الرؤية والآراء والخبرات والتصورات تساهم في توليد المزيد من الأفكار البنَّاءة وتطوير رؤيتنا وخططنا.. ويتم التحضير حاليًا لاجتماع واسع قريب يضم كامل مكونات الائتلاف.
من جانب آخر هناك عمل مستمر من قبل أعضاء الهيئة السياسية لمناقشة الرؤية السياسية الوطنية للائتلاف الوطني، والخطاب الوطني، وقد تم إقرار التعديلات الأخيرة قبل إصدارها بشكلها النهائي قريبًا.
إلى جانب ذلك فقد أطلقنا مشروعًا لإجراء سلسلة من اللقاءات التشاورية، جرى أولها قبل أيام قليلة، تحت عنوان: (اللقاء التشاوري) الأول، وعقد بإشراف لجنة الحوار الوطني في الائتلاف، بمشاركة نحو خمسين من الشخصيات السياسية والنشطاء، لمناقشة الواقع السياسي والتطورات الميدانية والعملية السياسية وطرحت فيه حزمة من الأفكار والاقتراحات المهمة. اللقاء جمع أهل الثورة السورية لتداول تصوراتهم بهدف ترشيد العمل وإصلاح وتطوير الرؤى.
رؤيتنا تنطلق من إعطاء الأولوية للإمكانات والمعطيات التي نستطيع أن نتحكم بها والواقعة بشكل مباشر في إطار مسؤولياتنا.”
ما التأثير الذي خلّفه قيصر على نظام الأسد؟ وهل هناك حزم عقوبات جديدة قريبًا؟
“الفترة الماضية كانت مليئة بالخلافات الحادة داخل العصابة الحاكمة، ولا شك بأن شبح قانون قيصر لعب دورًا رئيسًا فيها.
مؤخرًا ناقشنا مع الجانب الأمريكي موضوع العقوبات المفروضة على النظام، وجرى تقييم النتائج خاصة بعد صدور القائمة الثالثة للعقوبات.
فريق الائتلاف شدد على أهمية ضم شخصيات روسية وإيرانية ولبنانية إلى قائمة العقوبات المنتظرة، بالإضافة إلى الشخصيات الاقتصادية التي يعتمد عليها النظام في تهربه من العقوبات.
نتابع تحركات النظام، ونتوقع المزيد من محاولات الالتفاف على العقوبات، مثل مشروع تأسيس شركات طيران خاصة، التي لا شك أنها تهدف إلى التهرب من العقوبات من خلال إنشاء منظومة اقتصادية خارج الدولة، تساهم في خلق اقتصاد مواز، عبر وكلاء.”
ما موقفكم من التقارب بين (مسد) وحزب الإرادة الشعبية الذي يتزعمه (قدري جميل) برعاية روسية؟
“نحن نرفض أي اتفاقيات مع التنظيمات الإرهابية في شمال شرق سورية، ولن يكون لها أي محل في الإطار الرامي إلى إيجاد حل سياسي في سورية دون أن تكون معالجة جذرية نضمن من خلالها التخلص من وجود الإرهاب على أرضنا، والمحافظة على وحدة وسلامة أراضينا، وعودة اللاجئين والمهجّرين إلى مناطق سكنهم، وتمكينهم من إدارة شؤونهم، ووقف كل الانتهاكات بحقهم وتعويضهم. وجميع المحاولات التي تمت من أجل تعويم هذه التنظيمات بائت بالفشل؛ لأن التنظيم في أساسه قائم على فكر إرهابي مرتبط بالخارج، لذلك فهو عضويًا مرتبط (بقنديل)، والاتفاق مع هذا التنظيم هو بمنزلة إقرار وقبول بجميع الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها.”
ما هي أهداف روسيا من دعم هذا التقارب؟ وهل سيكون له تأثير سلبي على العلاقات الروسية التركية؟
“روسيا تريد التدخل في كل مكان، وهي تبحث عن موطئ قدم أوسع في شرق الفرات، خاصة أن الملف السوري بشكل عام معقد ولا يريد أي طرف أن يترك مساحة دون أن يكون له فيها إمكانية للتأثير. “
في اجتماع اللجنة الدستورية الأخير لم تكن هناك رؤية واضحة عمَّا تم نقاشه أو ما تم الوصول إليه فهل حقق الاجتماع الأهداف التي عقد لأجلها؟
“الأمر محسوم بالنسبة إلى الائتلاف في دعم اللجنة الدستورية كجزء من القرار 2254 الذي هو من أسس الحل السياسي في سورية، ونعدُّ أن إنجاز الدستور بوابة مهمة تساهم في عملية الانتقال السياسي في سورية.
النظام يدرك هذا تمامًا لذلك لا يألو جهدًا في المماطلة واختلاق العراقيل من أجل تعطيل عمل اللجنة ومن ورائها العملية السياسية، وفد اللجنة الدستورية شارك في الجلسة الثالثة لاجتماعات اللجنة الدستورية مجهزًا بكل الوثائق وأوراق العمل المطلوبة، ولديه التصور الكامل للدستور، وكان مستعدًا تمامًا لبدء مناقشة المضامين الدستورية، وبدء الكتابة مباشرة لكل نقطة يتم التوافق عليها،
لكن العملية كلها ارتطمت بتعنت وفد النظام ومطله وعدم جديته، نحن نرى أن وفد النظام بالنهاية لا يجرؤ على مخالفة تعليمات الأجهزة الأمنية لبشار الأسد، وهذا أحد أهم أسباب إحجام وفد النظام عن التفاعل الإيجابي مع أي خطوة للتقدم العملي في كتابة الدستور، لا بد من ضغط حقيقي على رعاة النظام لاسيما روسيا إذا كان المجتمع الدولي جادًا في العمل على إنجاز حل في سورية.
وبالرغم من كورونا وتداعياتها، فإننا نعتقد أن من أراد العمل من أجل سورية وإنقاذ أهلها من ويلات الحرب وقسوة النزوح والتهجير لن تمنعه كورونا، ما ينقصنا هو الشريك الفعلي في الحل السياسي، للأسف نحن نتعامل مع طرف يحترف العنف لا غير، ومنهجه السياسي هو المطل والإغراق في التفاصيل والحرث في الماء.”
( جيفري) يقول: “إن الأسد سيرحل فلا تفكروا به”، فهل يمكن الوثوق بكلامه؟
“ما يتم تناقله عن (جيفري) لم يكن تصريحات رسمية، ولكنني واثق من أن الموقف الذي تتبناه الإدارة الأمريكية تجاه الوضع في سورية يتحسن باستمرار، وأن التزام الإدارة الأمريكية جازم.
هناك تقدم إيجابي، وربما الوصول إلى خاتمة للأزمة الرهيبة المستمرة منذ 10 سنوات.
نحن ننظر بإيجابية إلى كل التطورات، ونعلم أن الكلام والتصريحات مع النظام لا تفيد، ولا يمكن التعويل على نتائجها، هذه العصابة لم تقدم أي تنازل منذ وصولها إلى السلطة إلا تحت الإكراه.”
كيف تعلق على الإشاعات التي تقول: إن الأسد سيرحل بجهود دولية؟ هل هي واقعية في ظل استمرار الدعم الروسي؟
“لا شك لدينا أن الأسد سيرحل لا محالة، وقد اقترب أوان ذلك، بجهود الشعب السوري وبجهود دولية، لم نطلع بشكل رسمي بعدُ على خطط جديدة تتعلق بالحل في سورية، ولا يمكن اتخاذ مواقف أو توقع تغييرات إلا بناءً على معطيات متماسكة وناجمة عن موقف دولي صلب ومتماسك، نعتقد أنه بدأ بالتشكل.”
هل ترى أن سقوط الأسد بات قريباً؟ وما الجهود التي تبذلونها لدعم رحيله؟
“نعم بالإضافة إلى ما أجبته في السؤال السابق، أقول: إن الاتجاه الذي نتحرك به هو تقديم نموذج سوري ناجح ومتمكن على المستوى السياسي والإداري، وتقديم جيش وطني قادر على العمل العسكري المنضبط، يجب أن نضع العالم أمام مسؤولياته، ونسحب أي حجج للتخوف من النتائج والبدائل المحتملة عند سقوط النظام، في المحصلة هذا يخدم قضيتنا ويقربنا من تحقيق أهدافنا.”
إدلب ما تزال تشكل نقطة الخلاف الروسي التركي رغم تنفيذ اتفاق الخامس من آذار وتسيير دوريات مشتركة، ما السبب برأيكم؟
“تمثل الأرض المحررة في الشمال الغربي المعقل الأقوى والأهم والأبرز للثورة السورية، ما يعني أن أي معركة هنا لن تكون مثل أي معركة أخرى، وهذا ما كشفته مجريات الأمور خلال الفترة الماضية.
الأمر الإضافي هو الموقف التركي المختلف الذي قدم منعطفًا حاسمًا خلال عملية درع الربيع مطلع العام الجاري، وفرض معادلة جديدة على الأرض، وهذه المعادلة في الواقع تضع الحل السياسي على الطاولة كخيار وحيد.
هذا التعارض والتناقض في وجهات النظر بين الأتراك والروس هو ما يجعل إدلب نقطة خلاف، لكن الأمر سيصل إلى نهاية في وقت ما، وفي حال تمكنا من إنجاز ما نخطط له، فإن الموقف الدولي سيكون في صالحنا بشكل عملي، وربما يساهم في توجيه الأحداث نحو خاتمة إيجابية.”
رغم وجود خروقات ما يزال اتفاق إدلب ساريًا، فهل ترجحون استمرار الهدنة في ظل الحديث عن عملية عسكرية لنظام الأسد؟
“النظام وحلفاؤه يقومون دائمًا بخرق الاتفاقيات ويخططون لها، ولا يريدون لهذا الاتفاق أو لغيره أن يستمر، فأي عملية تفاوضية أو هدنة أو وقف لإطلاق النار ليس بالنسبة إليهم سوى وسيلة عسكرية للاستعداد والهجوم.
عمليًا، كل المناطق التي احتلها النظام على حساب الشعب السوري جاءت في خلال انتهاكات لقرارات وقف إطلاق النار الدولية والتفاهمات المحلية.
اليوم لدينا وضع مختلف، وهو مدعوم من قبل تركيا، وهناك قرار بعدم السماح بأي تغيير جديد على الساحة، وقد تحقق ذلك بالقوة المباشرة خلال عملية درع الربيع التي أشرنا إليها.
الجميع يجب أن يدركوا، وعلى رأسهم النظام وحلفاؤه، بأن وقت الحلول العسكرية انتهى في سورية، وأن الخيار الوحيد المتوفر هو الحل السياسي.”