قالت مصادر في المعارضة السورية لـ «الحياة» أمس إن مفاوضات تجري بين «الائتلاف الوطني السوري» المعارض و «هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي» لصوغ النسخة النهائية لـ «اعلان القاهرة» قبل لقائهما في العاصمة المصرية في الأيام المقبلة بهدف «فتح صفحة جديدة» بينهما قبل مؤتمر «موسكو – ١» نهاية الشهر المقبل.
وتهدف المفاوضات إلى الوصول إلى رؤية مشتركة للطرفين، علماً أن «الائتلاف» يتمسك بـ «تبني» الرؤية السياسية التي قدّمها إلى الوفد الحكومي في جنيف بداية العام الجاري، في حين تطرح «الهيئة» خريطة طريق لتسوية الأزمة السورية.
ويخوض الطرفان مفاوضات إزاء كلمة في «اعلان القاهرة» على أمل الوصول إلى اتفاق قبل اجتماع الهيئة العامة لـ «الائتلاف» بين ٣ و٥ الشهر المقبل لانتخاب الهيئة الرئاسية الجديدة. وفي حال التوصل إلى الصيغة النهائية للإعلان، يجتمع الطرفان قبل «اللقاء التشاوري» لأطراف المعارضة المقرر في موسكو في ٢٦ الشهر المقبل قبل لقاء وفد الحكومة بعد ذلك بيومين.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت بأن الحكومة السورية «مستعدة للمشاركة في اللقاء التمهيدي التشاوري في موسكو حرصاً على تلبية تطلعات السوريين لإيجاد حل للأزمة يهدف إلى التوافق على عقد مؤتمر للحوار بين السوريين أنفسهم من دون أي تدخل خارجي» مع «تأكيدها الاستمرار بمكافحة الإرهاب أينما كان على التراب السوري توازياً مع تحقيق المصالحات المحلية الي أكدت نجاحها في أكثر من منطقة».
ووفق المسودة الأخيرة لـ «اعلان القاهرة» والتي حصلت «الحياة» على نسخة منها، فإن «الائتلاف» و «هيئة التنسيق» يدشنان «مرحلة جديدة إيجابية في العلاقة بينهما ومع كل فصائل المعارضة الديموقراطية الأخرى» وإن الطرفين «يتوافقان على أن بيان 30 حزيران (يونيو) 2012 (بيان جنيف) وقرارات مجلس الأمن المعنية بالشأن السوري كأساس للحل السياسي في سورية، وعلى عملية جنيف كإطار تفاوضي بين المعارضة والسلطة. وعلى أن التوافق الدولي والإقليمي ضرورة أساسية لنجاح العملية التفاوضية لتحقيق تطلعات الشعب السوري ومطالبه». وفي المسودة التي قدمتها «هيئة التنسيق» جاءت كلمة «السلطة» قبل «المعارضة».
وأضافت النسخة الأخيرة أن الطرفين «يتبنيان وثيقة «بيان المبادئ الأساسية للتسوية السياسية لمؤتمر جنيف الثاني للسلام» التي قدمها وفد «الائتلاف» لمؤتمر جنيف بتاريخ 9 شباط (فبراير) 2014 و «خريطة الطريق لإنقاذ سورية» التي أقرتها قوى معارضة. وانطلاقاً من الوثيقتين سيعمل الطرفان معاً لإنتاج وثيقة سياسية تجمع كل قوى المعارضة الديموقراطية لتفعيل آليات تطبيق بيان جنيف في كل الاستحقاقات التفاوضية المقبلة».
وكان وفد «الائتلاف» قدّم في مفاوضات جنيف وثيقة من خمس صفحات، لم تتضمن أي إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، مع التأكيد على تشكيل هيئة الحكم التي «ستشرف على وقف كامل لإطلاق النار باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف العسكري، وحماية المدنيين، وإرساء الاستقرار في البلاد، مع وجود مراقبين من الأمم المتحدة».
وشرحت الوثيقة «أهمية دور الهيئة في وضع آلية لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية وبدء عملية العدالة الانتقالية، ومعالجة كل المظالم، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين، والسعي للكشف عن مصير المفقودين». ووفق الوثيقة التي جاءت في ٢٤ نقطة، فإن وفد «الائتلاف» أكد أن عملية السلام لن تتقدم فقط بالمشاركة في المؤتمر.
وأضافت المسودة أن الغاية الرئيسية من مؤتمر «جنيف 2» هي تشكيل هيئة حكم انتقالي وأن المفاوضات لتشكيل الهيئة تسترشد بمبادئ، بينها اعتبار اتفاق التسوية السياسية بين الطرفين السوريين بمثابة إعلان دستوري موقت، وأن هيئة الحكم الانتقالي تملك سلطة اتخاذ قرارات تفضي لانسحاب كل الجهات العسكرية الأجنبية من سورية، اضافة إلى أن الهيئة الانتقالية هي الهيئة الشرعية الوحيدة المخولة تمثيل الدولة.
ولم يصغ الوفد الحكومي وقتذاك إلى الوثيقة، بل تمسّك بمناقشة موضوع مكافحة الإرهاب ومناقشة «بيان جنيف» في شكل متسلسل بدءاً من وقف العنف ومحاربة الإرهاب.
في المقابل، صاغت «هيئة التنسيق» رؤيتها للحل، وتضمنت الدعوة الى تشكيل «حكومة الوحدة الوطنية» لتحقيق اجراءات بينها «إعلان وقف العمل بالدستور الحالي وتكليف لجنة من الخبراء الدستوريين لوضع لائحة دستورية موقتة للمرحلة الانتقالية ريثما يتم إعداد وإقرار دستور ديموقراطي جديد دائم وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ذات صدقية للنظر في أحداث العنف التي رافقت التمظاهرات الشعبية، والكشف عن قتلة المتظاهرين ورجال الجيش ومحاكمتهم وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية والبدء بتسوية ملفات الأحداث في الثمانينات وفي الوقت الراهن وإغلاقها نهائياً، والتعويض حيث تطلّب الأمر ذلك»، اضافة إلى «البدء بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وحصر مهماتها في المجال المحدد لذلك وتطبيق القانون عليها» وإلى «الإعلان عن أن كل الأحزاب القائمة وتلك التي يمكن أن تتشكل حتى صدور قانون الأحزاب الجديد هي أحزاب تحت التأسيس تمارس عملها بمجرد تقديم إخطار إلى وزارة الداخلية التي ينبغي أن يستحدث فيها إدارة خاصة بشؤون الأحزاب». كما تضمنت اقتراح «توفير ما يلزم لتشكيل جمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد ونقترح أن يشارك فيها نخبة من القضاة الدستوريين ورجال القانون وممثلون عن الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، والحراك الشعبي، وتعطى مهلة لا تزيد على ثلاثة أشهر لوضعه والاستفتاء عليه».
ووفق المسودة الأخيرة لـ «اعلان القاهرة»، فإن «الائتلاف» و «هيئة التنسيق» سيتعاونان لـ «عقد لقاءات تشاورية وطنية للمعارضة السورية الديموقراطية، ويقرر في هذه اللقاءات التوجه السياسي للمعارضة والأدوات التنظيمية والتنفيذية لهذا التوجه. وتكون هذه اللقاءات مقدمة لعقد مؤتمر وطني جامع للمعارضة الديموقراطية السورية» إضافة الى قناعتهما أن «القضاء على الهمجية والإرهاب يفترض القضاء على الاستبداد وتغيير النظام السياسي في شكل جذري وشامل من أجل قيام نظام ديموقراطي تعددي، وإن العمل العسكري وحده ليس سبيلاً ناجعاً لمحاربة الإرهاب والتطرف ما لم يترافق مع إعادة إطلاق عملية جنيف التفاوضية من أجل بناء دولة مدنية ديموقراطية تمثّل بيئة اجتماعية وسياسية مواتية لمكافحة الإرهاب وخلال مدى زمني مقبول، لأن مصلحة الشعب السوري الراهنة تكمن في وقف سفك الدماء والدمار والخراب بأقصر زمن ممكن».
ونصّ ايضاً على أن «تقوم الجهود والهيئات الوطنية والمشتركة بين الائتلاف والهيئة على قاعدة المشاركة الفاعلة الكاملة والمتساوية لضمان مساهمة ومشاركة كل أطياف المعارضة السورية بناءً على التوافق والالتزام بما جاء في البنود المذكورة أعلاه ضماناً لتحقيق تطلعات الشعب السوري ضمن مناخ من التسامح والمرونة» بعد اجراء تعديلات في المسودة التي اقترحتها «هيئة التنسيق».
وقال الناطق باسم «هيئة التنسيق» منذر خدام أمس إنه «رغم الخلافات السابقة بين نهج الهيئة السياسي ونهج الائتلاف فـــــــقد قررا بدء صفحة جديدة من العلاقات لما فيه مصلحة الشعب السوري وقضيته ووحدة المعارضة»، مضـــيفاً أن «علاقاتنا مع الائتلاف تأتي في سياق جهود توحيد المعارضة السورية على أساس رؤية سياسية للحل السياسي التفاوضي والتي عملت الهيئة عليها مع الإدارة الذاتية وجبهة التغيير والتحرير واتحاد الديموقراطيين السوريين وتجمع الوطنيين الأحرار وفصائل معارضة أخرى».