سلوى عبد الرحمن |
تتنافس وسائل “الإعلام البديل” بأشكالها المختلفة في المناطق المحررة في سورية على نقل الأخبار والوقائع والمعلومات لتقديم الأفضل للجمهور، ومع دخول الثورة عامها الثامن، ثمة تساؤلات عدة لابد من الوقوف عندها، بهدف تقييم دور “الإعلام البديل” في التجربة السورية بعد خروجه من تحت عباءة النظام الذي سيطر عليه قرابة 50 عامًا. فهل حقق “الإعلام البديل” أهدافه؟!
تعمل وسائل الإعلام العالمية اليوم على أسس علمية وفكرية ونفسية وفق خطط وأسس مدروسة، ويقف وراءها العديد من صنّاع الرأي وأصحاب الغايات بغية إحداث تأثير معين، فكل مجتمع له خطاب معين خاص به لتحقيق تلك الغايات، لذلك تنفق الدول مبالغ كبيرة لتحقيق أهدافها.
“غسان الجمعة” رئيس تحرير (صحيفة حبر) قال: “إنه لا يمكن لوسيلة إعلامية أن تحقق أهدافها إلا من خلال نقل الصورة من زواياها المختلفة لمجموع الطبقات الاجتماعية والفئات السياسية وتياراتها، كما أن عنصر الاستقلالية والتحيز للعدالة في أي قضية له دور مهم في بناء جسور النجاح لوسيلة الإعلام مع جمهورها.” مشيرًا إلى أن عدم وجود إستراتيجية واضحة في “الإعلام البديل” أدى إلى فقدان الثقة به من قبل المجتمع السوري.
وأضاف (الجمعة) أن وسائل الإعلام البديل لم تتمكن من أداء رسالتها بالشكل الأمثل؛ لأنها أصبحت أقرب إلى صحافة المواطنة من جهة، وخطف الإعلام البديل من قبل أطراف الصراع الإقليمي والداخلي وذلك عن طريق دعمه بالمال السياسي من جهة أخرى.
“الإعلام البديل” مهنية أكثر وتأثير أقل
وُلد “الإعلام البديل” مع بداية الثورة بإمكانيات ضعيفة ومعدات محدودة مكنته من نقل الأحداث بمصداقية كبيرة ومهنية قليلة، ومع تطور هذه الإمكانيات خلال سنوات الحرب من وسائل وإعلاميين وازدياد الخبرة إلا أنه بات أقل تأثيرًا مقارنة مع بدايته وفق آراء بعض جمهوره.
“خلف جمعة” إعلامي في قناة حلب اليوم برر ذلك بقوله: “إن تدخل القوى العسكرية والسياسية في عمل الإعلاميين وتوجهات بعض المؤسسات الإعلامية لبعض الفصائل، إضافة إلى تضييق الفصائل على الإعلاميين واستهدافهم، كل ذلك أثّر سلبًا على الرسالة الإعلامية وأطرها.” مضيفًا أن التطور التقني أتاح فرصة كبيرة للتضليل والفبركة وتحريف الحقائق، فضلًا كثرة العاملين في هذا المجال وسهولة الوصول إلى أساسياته، ما منع “الإعلام البديل” من أداء وظيفته بشكل أفضل.
محتوى يلامس هموم السوريين وقضاياهم
للمحتوى الإعلامي دور مهم في المجتمعات، فهو يهدف بمجمله لأداء رسائل معينة من حيث تثقيف الناس وترفيههم ومدهم بالمعلومات والأخبار والأفكار، كما أنه مصدر مهم في التوعية وبناء الفكر، إضافة إلى متابعة اهتماماتهم وتطويرها.
“ميرنا الحسن” مراسلة قناة أورينت في مدينة إدلب تؤكد أن “الإعلام البديل” يحاول ومنذ بدايته ملامسة هموم المدنيين ومعاناتهم في المناطق المحررة والمخيمات ودول اللجوء. فغالبية إعلاميي المحرر جزء من هذا المجتمع، ما مكنه من ملامسة مشاعر وقضايا الناس ومساعدتهم في إيصال معاناتهم للجهات المعنية من منظمات أو غيرها.
وترى “الحسن” أنه رغم الأخطاء التي وقع بها “الإعلام البديل” لم تكن سلبية بالمطلق فيما لو قُورن بإعلام دول أخرى قامت فيها الثورات، بل على العكس هنالك العديد من الإعلاميين السوريين نالوا جوائز عالمية لأعمال قدموها عن الثورة السورية رغم القصف والحصار. مشيرة إلى، أن “الإعلام البديل” تمكن من إثبات جدارته من خلال توثيق الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها النظام بحق المدنيين.
بين نجاحه أو فشله تحاول وسائل “الإعلام البديل” إيجاد طرق متنوعة في مخاطبة الجمهور لتحقيق أهدافها، إلا أن تلك المحاولات تبقى مبتورة في ظل تحاشي كثير من وسائل “الإعلام البديل” الوقوع بإشكاليات مع بعض الجهات التي تسعى إلى إعادة تدجين الإعلام وتأطيره كما كان قبل 50 عامًا.