عمران الجرك |
التطور التقني وتكنولوجيا الإنترنت فتحت أفقاً واسعاً على العالم أمام شبابنا الناشئ محاولاً بناء الأمل على حطام الوطن ومُغفلاً الحرب الفكرية التي يقودها ساسة العالم على الفكر العربي المبدع والأخلاقي الصحيح في ظل انشغالنا بالحروب والنزعات. فبدأ يحاول ويبذل ما بوسعه للوصول إلى العُلا وركب الحضارة ولكن بطريقة قد تجعل قدراته وإبداعاته تتلاشى في جحيم أخطائه.
فحين يُخيّم الغرور في عقل الشاب بعد انفتاحه على العلوم، ويظن أنّ الكمّ القليل من الكتب التي قرأها والمعلومات التي جمعها والوُريقات التي حصل عليها (أكذوبات المنظمات لمضيعة الوقت وحرف الشباب عن أهدافهم النبيلة بادعائهم أنها شهادات) كفيلةٌ بجعله يتصدّر منصّة الوجاهة فيسعى إلى الشهرة والظهور في المقدمة ويلتفت إلى نقد الآخرين في الوقت الذي انشغل به عن بناء نفسه وتَرَكَ الثغرات تنحر إلى أعماقه، وبدأ يتهاوى في الطريق الأساسي لأهدافه السامية، وحين ينظر حوله في هذه المرحلة يلحظ خيبات الأمل في عيون مَنْ حوله ممّن كان يربّيهم ويثقون به، ويسمع هراء الحاقدين من الناس، فلا يجد إلا من يحبّه بصدقٍ يقف بجانبه يؤنِّبُه ويحذّره من السقوط.
ولكن.. عندما يصحو الإنسان في مطلع شبابه ويعدّل من مسار حياته، فيجعل الله مُتَكَأهُ ورضاه غايتهُ والآخرة هدفهُ قبل أهدافه الدنيوية ثم يسير بخطى ثابتة مُخلصاً عمله مُرضياً ربّه ووالديه مُسعِداً نفسه مُبتعداً عمَّا يؤذيه، ويُراقب مسيره دوماً حتى يصل إلى النتيجة في كل شوط من أشواط الحياة..
فينظر! هل كانت النتائج إيجابية أم سلبية؟ هل حققت ما خططت إليه؟ هل حقاً كنتُ مثالاً للفرد الناجح في المجتمع الفاضل الذي أرنو إلى بنائه؟
أسئلة كثيرة يجب على الإنسان دوماً أن يطرحها على نفسه في مرحلة النقد الذاتي كي يجد الثغرات والأخطاء التي تُعيقُ نجاحَه وتفوّقَه ويحاول إيجاد الحلول لها حتى يصبح قدوةً في المجتمع.
المجتمع لا يحتاج إلى شعارات صاخبة وعبارات رنّانة تستند إلى الفراغ..
نحن المجتمع يا صديقي، فلنبدأ ببناء أنفسنا ولنرسم خططنا ونحدد أهدافنا بدقّة، ونسير بثقة بالله أننا سنصل إلى القمة..
لابدّ أن نخطئ ونتعثّر، فنحن بشر أنا أخطئ وأنت تخطئ؛ لا بدّ أن نتألم ونصبر، فالأخطار تحدّق بنا من كل حدبٍ وصوب.
ولكن حريٌّ بنا أن نصحو ونصحّح أخطاءَنا قبل أن تقودنا إلى الهاوية ونتابع مسيرنا بخطىً ثابتة حتى نكون شعلةً حقيقية يفخر بنا وطننا ويهتدي بنا من خلفنا.
يا صديقي أنت مبدع، أنت قوي، أنت تملك قدراتٍ على النجاح والتميّز..
لكنّ هذا الاندفاع يعقبه سقوط، وهذا القليل يَنضُب، والنبتةُ التي تطول الأشجار في الربيع تَذبل في أول موجة صقيع.
إيّاك والسقوط يا صديقي، إيّاك ألا أراك في ركب الناجحين، إيّاك إيّاك.
وفي النهاية.. إن هذا الحياة قاسيةٌ جدّاً ومليئةٌ بالعثرات والأشواك، وإن طريق المجد طويل وشاقّ، لن نبلغه بساعاتٍ أو ليالٍ أو أشهر.. لن نبلغه بشعارات على مواقع التواصل، لن نبلغه بضحكاتنا الصاخبة على قارعة الطريق، بل يحتاج إلى سير وثبات وتنظيم وصبر على علقم العيش، وثقةٍ بالله أن المجد لنا نحن الذين صنعنا الأمل من غبار الحرب ولم نَرَ إلا القتل والدمار.