تقف “إيمان” حائرة بين ألوان الألعاب والبالونات والألبسة وبعض الأحذية، تتبعها الموظفة فتقدم لها لعبة وهدية مغلفة، لترتسم على وجهها ابتسامة تدفع الصحفيين في أول يوم افتتاح لجمعية “إنسان” لالتقاط صور لها، إلا أن الجميع تفاجأ حين خطت بمشية مائلة مستندة إلى قدمها الصناعية، لكن ابتسامتها وتقبلها لوضعها تمنع من يراها أن يظهر الحزن والأسى على حالها.
“إيمان هزبر” طفلة في الحادية عشرة من عمرها فقدت والدها وأخيها، وبترت ساقها إثر غارة جوية على منزلها في جسر الشغور بريف إدلب الغربي، ثم تمكنت من الحصول على رجل صناعية وقالت إنها تحلم بأن تصبح طبيبة أسنان، قدمت مع والدتها لتحصل على المساعدة من الجمعية.
تزايدت في الفترة الأخيرة المراكز والجمعيات التي تُعنى بفاقدي الأطراف في الشمال السوري بسبب ارتفاع حالات الإصابات التي تجاوزت المليون ونصف حالة حسب إحصائية شبكة حقوق الإنسان، 86 ألف سوري أفضت إصابتهم منذ بدء الحرب إلى بتر الأطراف، وفق آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية، وينتظرون مدّ يد العون والمساعدة لهم.
“طاهر المعلم” مدير جمعية “إنسان” لرعاية ذوي الإعاقات الجسدية قال في حديث لــ”صحيفة حبر”: “نعمل على تقديم الدعم لأصحاب الإعاقات البدنية حسب الإمكانيات المتاحة.” موضحًا أن أقسام الجمعية في الوقت الحالي، مهني وتعليمي ودعم نفسي، إضافة إلى بعض المساعدات العينية كالألبسة والألعاب للأطفال، منوهًا بأن الجمعية تسعى لافتتاح قسم للمعالجة الفيزيائية وتأمين أطراف صناعية لأصحاب الإعاقة المستديمة.
تولدت فكرة إنشاء الجمعية نتيجة ارتفاع أعداد المصابين بالإعاقات الجسدية في الشمال السوري، وصعوبة دخول بعض الحالات إلى تركيا لتلقي العلاج. يلتحق بالجمعية قرابة20 متطوعًا ومتطوعة عملوا بجد منذ حوالي أربعة أشهر ليبدؤوا بالعمل فيه يوم أمس الإثنين، سعيًا لإعادة تأهيل أولئك المصابين وإعادة دمجهم في المجتمع قدر المستطاع.
من جهتها، “هناء دهنين” رئيسة مركز العلاقات العامة في الجمعية أكدت لـ “صحيفة حبر” أن الهدف من المشروع رعاية فاقدي الأطراف المتضررين من الحرب في الدرجة الأولى خاصة الأطفال يليهم الأيتام والأسر الفقيرة، ودفعهم نحو العمل ليكونوا أكثر فعالية في المجتمع.” مشيرة إلى أنه يمكن للمصابين من خارج المدينة الاستفادة من الجمعية.
تخرج “إيمان” من الجمعية برفقة والدتها سعيدة بما حظيت به من أغراض وهدايا، لتدخل فتاة أخرى في 17 من عمرها بُترت ساقها اليسرى بالكامل أيضًا تستند إلى عكازتها، يبدو أن وضعها المادي لم يمكنها من الحصول على طرف صناعي بلاستيكي، على أمل أن تحظى بطرف مثل “إيمان”، مع العلم أن حالات الأطراف المبتورة تتزايد مع تصاعد الحملة العسكرية على الشمال السوري.