يوماً بعد يوم تضيق مساحة الثورة، وتتسع الحرب تدريجياً لتشمل حتى أولئك الناس الذين لا يعرفون شيئاً عن السلاح، تأكل الحرب جميع ما تبقى من الثوابت التي آمنا أنّها معيار النصر ومحرك النضال فينا، ومن أجلها رخصت الدماء وقوداً لنحقق حلماً وعهداً مع أول الصرخات .كلما اتسعت رقعة الحرب ازدادت مساحة هزائمنا، فالحرب بالنسبة لنا ليست خياراً، وإنما كانت دفاعاً عن حق مسلوب، ولأجل ذلك الحق ما زلنا نحقق الانتصارات، أمّا عندما تتحول الحرب إلى خيار سهل ندفعه بوجه من نشاء، عندها تصبح الهزائم تترى في طريقنا، حتى ولو غُلفت لنا بانتصارات جوفاء.لا شك أن منطق الحرب هو السائد اليوم، وعلينا أن نتقنه جيداً إذا أردنا أن ننتصر، ولكن علينا أن نعي جيداً أننا من يختار المعارك، وليست المعارك هي من تختاره وتجره إلى أرض بعيدة عن أهداف ثورته التي كانت الحرب لأجلها. لذلك علينا أن لا نفرط بمواردنا من أجل بعض العواطف التي تراق هنا وهناك، مالم تكن المعركة في صميم أهدافنا نحو الحرية والكرامة، مهما تعالت صيحات الدعوة إليها على المنابر الزرقاء والخضراء والمزركشة في مواقع التواصل الاجتماعي .اتساع رقعة المواجهة يعني تشتيتاً أكثر لأهدافنا، أمام ضخامة ما نواجهه من تحالف عالمي للقضاء على ثورتنا المباركة، لذلك علينا دائماً أن نعمل على وأد العدوات الجديدة فيما بيننا، وعدم فتح المواجهات حتى مع الأعداء المسالمين، فكيف إن كان صديقاً أو حليفاً أو حتى محايداً .علينا أن نعي جيداً أبعاد كل خطوةٍ نقوم بها، وأبعاد خطوات أعدائنا أيضاً، ولندرك أنّ المصالح هي من يحرك الساحة من حولنا، فلا نتسرع بخياراتٍ قد تكون لها نتائج كارثية على المدى القريب أو البعيد، ولنعمل على قطع الطريق على من يريد دفعنا لقتال يمزق ما تبقى من شامنا، القاعد فيه خير من القائم. المدير العام / أحمد وديع العبسي