استطلاع : عمر عربيبدو أن التحليق المستمر للأسعار لم يجد إلى الأن مدرجًا محددًا ليقف عنده، بل مازال في ارتفاع مستمر، ارتفاع يرافقه شحٌّ بالمواد الأساسية مما يزيد الطين بلة، وجعل المواطن الفقير يتناسى أغلب المواد الضرورية سواء الغذائية أو أسعار المحروقات، مع العلم أنه لا يمكن الاستغناء عن المحروقات في ظل هذا البرد القارص الذي تشهده المدينة. أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة النظام يوقنون أن المواد الغذائية والمحروقات باتت لديهم في مهب الريح، ولا يمكن لهم أن يحصلوا عليها كالسابق، خاصة مع الارتفاع المستمر في الأسعار وعدم استقرارها عند حد، أمر شكَّل أزمة حقيقية هناك، وبالتالي ولَّد حالة من الاستياء والتذمر لدى الأهالي هناك، لذلك قررت حكومة النظام مد يدها لهم محاولة الأخذ بعين الاعتبار وضعهم الصعب، فقامت برفع رواتب جميع الموظفين العاملين في الدولة والمتقاعدين (4000) ل.س في مبادرة على أساس أنها طيبة منهم، لكن بالمقابل بقيت أسعار الخبز والمازوت والبنزين والغاز مرتفعة.أعطى النظام موظفيه باليمين لكن أخذها بالشمال كما يقال، فهو بنظره قد برأ ذمته من حاجات المواطن، والناس الذين أصبح معظمهم على خط الفقر وليسوا بموظفين ماذا سيفعلون؟ هل سيقفون مكتوفي الأيدي عاجزين عن تأمين المتطلبات الأساسية؟.بناء على ذلك قامت جريدة “حبر الأسبوعية” باستطلاع آراء عدد من المواطنين والموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وسؤالهم عن الأوضاع هناك، وهل بالفعل هذه الزيادة قد تحل بعض من المشاكل؟أحمد 33 سنة: تشهد كازيات حلب ازدحامًا من قبل معظم سائقي السيارات الذين توقفوا عن العمل بسبب عدم توفر مادة البنزين لمدة طويلة في محطات الوقود والكازيات وشرائهم لها بأسعار مرتفعة من السوق السوداء، وبالتالي تفاقمت أزمة النقل نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وتفاوته من فترة إلى أخرى. وأنا كوني سائق تاكسي أضطر إلى الوقوف في طوابير من أجل تأمين مادة البنزين مما يجعلنا نتعطل عن أعمالنا لبعض الوقت إضافة إلى أن ارتفاع سعره يجعلنا نرفع الأجرة وهذا أيضًا يشكل مشكلة لدى الناس.محمد 44 سنة موظف: المشكلة أن هذه الزيادة التي أوهمنا بها النظام ليست إلا مجرد لعبة صغيرة لمصلحته، وضعنا الآن يحتاج إلى حل جذري يقضي على مشكلة الارتفاع المستمر في الأسعار، والوضع حاليًا لا يسمح بذلك، لكن على الأقل يجب على الحكومة إيجاد خطة بديلة تحد من هذا الارتفاع ولا تكون على حساب الناس، وهذه الزيادة التي أوهمنا بها لن تقدم لنا أية فائدة.عبد الغني 28 سنة: في ظل هذا الجو البارد جدًا نحن بحاجة إلى وسائل تدفئة تقينا وترد عنا ولو جزءًا من البرد، والبيت بحاجة إلى دفء من أجل الأطفال الصغار، الكهرباء فقدنا الأمل منها فهي نادرًا ما تأتي ولساعات قليلة جدًا، أما المحروقات فأصبحت أسعارها مرتفعة جدًا، وجرة الغاز لها حكاية أخرى حيث أصبحنا نتمنى الحصول عليها وتأمينها، فهي بالنسبة إلينا أهم من الذهب لحاجتنا الملحة لها ولنقصها وكثرة الطلب عليها.آلاء خبيرة اقتصادية وموظفة في مديرة المالية : إنَّ الشرائح الأكثر تضرراً بارتفاع الأسعار في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام هي الشريحتين الفقيرة والمتوسطة، والتي تشمل الأرامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الدخل المحدود من موظفين أو عمال أو صغار التجار والكسبة. هؤلاء جميعاً تفوق مصاريف معيشتهم الأساسية والضرورية مواردهم المالية، كالحاجيات الأساسية والتي تشمل الخبز والمواد التموينية من سكر وأرز وزيوت وعدس و …الخ، إضافة إلى الطبابة وتكاليف المواصلات ومستلزمات التدفئة، كلّها ارتفعت أسعارها بمقدار أربعة إلى خمسة أضعاف عما كانت عليه في عام 2011، في حين بقيت الموارد على حالها مع زيادة نسبية لرواتب موظفي القطاع العام حصلت في عام 2011 وعام 2012 وجاءت آخر زيادة في عام 2015 بمقدار /4000/ ل س ، هذه الزيادات المتتابعة لا تواكب الزيادة الحاصلة في الأسعار، بمعنى أصح لا تغطي النقص الحاصل في المستلزمات الأساسية جراء تدهور العملة السورية أمام العملات ما أدى إلى ضعف القوة الشرائية لليرة السورية في السوق , وللتوضيح فإنراتب موظف جديد من الفئة الأولى في القطاع العام في عام 2011 /9000/ ل س = تقريبا /200/ دولار عندما كان 1 $ يساوي 50 ل.سراتب موظف جديد من الفئة الأولى في القطاع العام في عام 2015 /22000/ ل س = تقريبا /100/ دولارعندما كان 1 $ يساوي 50 ل.سهذه المقارنة توضح أن ما يصل إلى يد المواطن من سيولة مالية لا يغطي كامل الاحتياجات الأساسية، بل في بعض الحالات لا يغطي نصفها أو ربعها حسب الاختلاف بعدد الأشخاص الذين يعيلهم صاحب هذا المورد والاختلاف بالاحتياجات بين حالة وأخرى وأسرة وأخرى.أما طبقة متوسطي وكبار التجار فهي الشريحة الوحيدة التي لم تتأثر بتدهور العملة السورية وضعف القوة الشرائية لها، حيث قاموا برفع أسعارهم بحيث حافظوا على أرباحهم بل وفي بعض الحالات تضاعفت أرباحهم كثيرًا، ما أدى إلى عدم تأثر حياتهم ومستلزماتهم بارتفاع الأسعار كما حصل للفقراء وأصحاب الدخل المحدود.