تشهد محلات الورود في مدينة إدلب هذا الصيف إقبالًا متزايدًا من محبيها، لأنها حاجة أساسية ووسيلة للمخاطبة في كل المناسبات، يتبادلها الناس في الأفراح كأجمل وأرق الهدايا في الزواج والنجاح والتخرج والولادة وأعياد الميلاد وربما في الأحزان، لأن الورود بحد ذاتها لغة تختصر الكلمات الجميلة والمشاعر الصادقة من حبّ وتفاؤل وبهجة، فلكل لون دلالته بحسب أبجديات الورود، كما أنها تحسن المزاج وتجدد الطاقة وتساعد على التخلص من التوتر.
ورود حمراء وبيضاء تزين سيارة العروس، وأصوات زمامير السيارات المرافقة تعلو شوارع مدينة إدلب، فموكب العرس مشهد شبه يومي، وصالات الأفراح تكاد لا تخلو أيضًا من الأعراس والورود بشكل يومي طيلة فترة الصيف.
العناية بالورود وتصفيفها وطريقة عرضها للزبون فنٌّ بحد ذاته، إذ تحتاج إلى خبرة ومهارة، فالعين تتمتع بمنظر الورود قبل شمها.
يجمع الورود وينسقها بشكل جميل، يجلب السعادة للقلوب، فمهنته تعلمها من صديقه وباتت جزءًا لا يتجزأ من حياته، “علاء قوصرة” صاحب محل لبيع الورود في مدينة إدلب قال لـصحيفة حبر: “لكل فصل وروده، ففي الصيف يكثر الجوري والقرنفل والزنبق البحري والكريز وجربيرا ولويزيانا وبألوان مختلفة، أما في الشتاء فتتوفر كل الأنواع السابقة إضافة إلى التوليب والليليوم والمنتور وعصفور الجنة.” مؤكدًا أنها جميعًا تحتاج لعناية خاصة من قص وتبديل مياه إضافة إلى جو بارد.
“تسنيم” إحدى الناجحات في الشهادة الثانوية هذا العام قالت: “من أجمل الهدايا التي قدمت لي بمناسبة نجاحي وردة واحدة أهدتني إياها إحدى صديقاتي، فحيث توجد الورود يوجد الحب والأمل”.
تأمين الورود هو أبرز الصعوبات التي تواجه أصحاب محلات بيع الورود، حيث يستوردونها من اللاذقية إلى إدلب لأن الشمال السوري لا يوجد فيه مشاتل لزراعة الورود.
“للورود أسرار وجاذبية، ورمز للتعبير عن الحب ورسم الابتسامة والسعادة على وجوه محبيه، فأنا أحب مهنتي ومتمسك بها، فهي هواية قبل أن تكون عملا ومصدر رزق” حسب ما عبر “القوصرة” في حديثه للصحيفة.
لا يمكن للورد أن يحل جميع المشاكل ولا أن ينهي الحرب، لكنه بداية عظيمة لاستمرار الحب والسلم بين سكان مدينة تنبض بالحياة رغم كافة الظروف والتطورات التي مرت عليها والاحتمالات والشائعات التي تحيط بها.