أجد نفسي في كل مرةٍ مضطراً للحديث عن هذا الأخر، قبول الآخر، والتواصل معه، عدم إقصائه، التكامل معه، والحفاظ على حرية رأيه وتعبيره واعتقاده، وعدم شيطنته و و و … الخ .
لقد قال لي يوماً أحدهم ألا تملّ من هذا الآخر؟ ألا يوجد في هذه البلاد غيره؟ لماذا علينا أن نهتم بالآخر، ونحن بحاجة للاهتمام بأنفسنا ألف مرّة .
لوهلةٍ ظننتُ أنني أثقلت فعلاً على الناس بحديثي عن هذا الآخر بأساليب متعددة، ولكن بعض الحوادث التي جرت مؤخراً جعلتني أكثر تمسكاً بإعادة سرد حكايا الآخر، لقد كان هذا الآخر هو ذلك السائل في إحدى المرات، وأنا في مرة أخرى، ومن يدّعون أنهم أصحاب البلد في مرة ثالثة، وبعض الغرباء في مرة رابعة .
محترفون نحن في تضخيم ذواتنا، وفي ادعاء أننا فقط من يوجد على هذه الأرض، محترفون في الإقصاء والإلغاء والتهميش والسخرية من بعضنا، محترفون في تفريغ أي رمز من قيمته، وأي قيمة من معناها، وأي عمل من أثره ..
يسكننا حب التسلط والتفرد والتملك، كأي قومٍ يقتاتون على جيف البدائية المغرقة في الظلمة، ونتناسى أننا أبناء حضارة تعب العالم في البحث عن جذورها، ملأتها جميع قيم الإنسانية، وأحاطتها تعاليم الأديان كافة، وجمعت من فسيفساء الأرض ما تعجز الأرض عن جمعه .
لست قاسياً عندما أخاطب قوماً تأكلهم الحرب بهذه اللهجة، ومازال فريق منهم يريد أن يلغي فريقاً آخر ربما كان السبب في وجوده أصلاً ، وعدوٌّ لم تعرف له البشرية مثيلاً في الجريمة يتربص بهما، بكل أشكاله وكياناته وعصاباته وتنظيماته .
إذا لم نحاول فهم الآخر وتقبله والتعايش معه، فلن نكون قادرين على فهم أنفسنا، وسنكون يوماً ما نحن ذلك الآخر الذي يُنبذ وراء البحار، حتى ولو ملأناها عدداً وعدة .
هذه الأرض تتسع لكم جميعاً .. فهل أنتم منتهون ؟؟؟
المدير العام / أحمد وديع العبسي