غسان الجمعة |
نقلت صحيفة (أكشام) التركية إشراف دبلوماسيين أمريكيين وفرنسيين على اجتماعات تضم تنظيم PKK و أحزابه السورية من جهة، و المجلس الوطني الكردي السوري من جهة أخرى، في قواعد عسكرية تابعة للتحالف الدولي في منطقة الحسكة؛ بغية دفن الخلافات الكردية بين أكبر تيارين سياسيين في المنطقة، الأول مايزال مصنفًا إرهابيًا، و تُعدُّ جبال (قنديل) وشرق الفرات معقله الرئيس في المنطقة، بينما الآخر يمثله تيار (البرزاني، وقوات البيشمركة) وهذا التيار له علاقة جيدة مع محيطه و خصوصًا تركيا.
المساعي الغربية تكللت الأسبوع الماضي بإعلان تجمع جديد للأحزاب الكردية (السورية) تحت اسم (أحزاب الوحدة الوطنية الكردية) حيث ضم التجمع 25 حزبًا نشطًا في منطقة شرق الفرات تحت سلطة ما يسمى (الإدارة الذاتية).
هذه الخطوة التي لا تقل أهمية عن قطع الدوريات الأمريكية طريق الأرتال الروسية في شرق الفرات، قطعت الطريق على موسكو التي بدأت بتعزيز نفوذها في المنطقة و بناء قوتها الخاصة خارج مطار (القامشلي) الذي تسيطر عليه، وهو ما يشكل تهديدًا واضحًا للتحالف الدولي، سيما أن الروس باتوا محنكين في عقد الصفقات والتسويات وتوزيع المناصب و المال على الأراضي السورية.
من جهة أخرى تعمل قوات التحالف على ترتيب البيت الداخلي للأحزاب الكردية في المنطقة بغية الابتعاد عن مركزية دمشق، أو النظام السوري بفكرة (الوطنية الكردية) أو الفيدرالية الكاملة في سورية الجديدة، كما أوضحت أكشام التركية.
وبالتوازي مع هذه التطورات ماتزال إيران تعزز من جبهتها السورية – العراقية عبر بناء المواقع العسكرية، واستقدام المرتزقة والاسلحة في جبهة واحدة تمتد من بغداد إلى دمشق، مقابل النفوذ الأمريكي الممتد من أربيل إلى منبج، ويسعى الأمريكيون إلى توحيد هذا الخط لمواجهة إيران جنوب الفرات في كل من العراق وسورية، ويقتضي منهم الأمر ترسيخ إجراءات الثقة بين الأحزاب الكردية ودعم وحدتها استعدادًا للمعركة المرتقبة.
بينما يبقى الهدف الإستراتيجي الأبعد لدول التحالف من ترميم البيت الكردي في المنطقة، هو إما عقد الصلح الذي لطالما ما تمناه وطلبه (ترامب) مرارًا من الجانب التركي، وهو ما يقتضي تذويب و دمج الأحزاب التي تصنفها أنقرة إرهابية بتلك التي تتمتع بعلاقات جيدة مع أنقرة، ويتزعمها ما يسمى (بكردستان العراق) بقيادة (البرزاني) وهو ما ترفضه تركيا للآن بمنح الشرعية للأحزاب الكردية الإرهابية الموجودة على القوائم التركية بأي شكل، و إما أن تكون دول التحالف التي هي دول الناتو نفسها تريد معاقبة أنقرة لشقها عن عصا الطاعة وشرائها لمنظومة S400 الروسية بدعم الإدارة الذاتية التي تعدُّها أنقرة إحدى خطوطها الحمر.
كما أن الدور التركي في حوض المتوسط والشرق الأوسط عمومًا يدفع بالدول الأوربية لدعم الإدارة الذاتية واستمرارها من باب محاربة (داعش) و بقائها خنجرًا في الخاصرة التركية.
ويبقى السؤال الأهم الذي يتبادر إلى أذهاننا، هو لماذا لا تقدم الدول الغربية على إصلاح جهاز المعارضة السورية وتقريب وجهات نظرها فيما بينها، كما تفعل مع الأحزاب الكردية؟ ولماذا لا تقدم هذه الدول الدعم السخي عسكريًا و سياسيًا كما تقدمه لشرق الفرات، وفي الحسبان أننا أخذنا نصيبنا الوافي من التعاطف والتأييد؟! أم أن هذه الدول ماتزال تنظر إلى المعارضة السورية مكونًا ثانويًا مع تكوين الأحزاب الكردية التي دافعت عنها الإدارة الأمريكية يومًا برسالة للائتلاف تضمنت عبارة وقتها (حينما ترقص الفيلة عليك أن تبقى بعيدًا عن الساحة)؟!