غسان الجمعة |
خرج ابن خال بشار الأسد (رامي مخلوف) الرجل الأكثر ثراء في سورية ومنفعة من مواردها على تطبيق (فيس بوك) ليحل ما أسماه مشكلة شركة (اتصالات سيريتل) بدفع ضرائبها إلى الدولة السورية بيد (بشار الأسد) وهي مُقدَّرة بمليارات متأخرة.
أبرز ما في المشكلة عدم ثقة مخلوف بأي شخص في حكومة النظام، فطلب من الأسد بشكل مباشر أن يشرف شخصيًا على استلام المبلغ وتوزيعه على الفقراء حسب زعمه.
وبعيدًا عن محتوى الفيديو وأسلوب الخطاب الجديد في عائلة الأسد، يمكننا أن نتساءل: في أي بُعدٍ يمكننا إدراج هذا الحدث؟ وماهي مآلاته بغض النظر عن نتائجه في ظل هذا التوقيت الحساس من مسار الأحداث في سورية؟
البداية من التسريبات الروسية التي طالت الأسد بشكل متكرر وللآن، وقد وضَّحت الصحف ذلك مبررة حالة الغلاء والجوع والبطالة بفشل إداري وسياسي يصرُّ عليه الأسد بهدف الوصول إلى نجاح أكبر، حسب زعمها، غير أن الروس يتبرؤون ممَّا هو أسوأ في الأيام القادمة، حيث من المتوقع أن يدخل قانون (سيزر) حيز التطبيق في حزيران، وعندها لا يمكن التنبؤ بمدى صمود البنى الاقتصادية والاجتماعية لدى النظام، لذلك يأتي الهجوم على الأسد كحركة استباقية لأي تطور مفاجئ في الساحة السورية.
ومن جهة أخرى تدخل حلقات الكشف عن شراء لوحة بملايين الدولارات وطائرات نقل خاصة VIP في بوتقة الصراع الروسي الإيراني الخفي على السلطة والاقتصاد الذي دخله أمس (رامي مخلوف) للكشف عن حجم الفساد بشكل غير مباشر في تلميح لابن عمته بأن الكل (عائلة الأسد) شركاء في هذه المشاريع التي توفر مداخيل طائلة، غير أن بروز أجنحة جديدة في القصر الجمهوري من أقرباء (أسماء الأسد) باتت تشكل بوادر لصراع على السلطة والثروة تحت أجنحة داعمي الأسد، وهي في طريقها للظهور على السطح بين إيران وروسيا.
أما الأوضاع التجارية والاقتصادية فليست بأحسن حال ممَّن يرعاها، فقد وصلت الأسعار مستويات قياسية في هذا الشهر ضمن مناطق سيطرة الأسد وسط مخاوف من انتشار استفحال كورونا، بالإضافة إلى إغلاق حدودي شبه تام للمعابر مع الدول المجاورة.
الغامض لهذه اللحظة هو، هل هذه التحولات والظواهر الجديدة في منظومة السلطة بسورية أحداثٌ نابعة من احتدام الخلاف الداخلي الذي يسهل السيطرة عليه بالنهاية وتتم إزالته كما حدث بين حافظ الأسد ورفعت يوم تم نُفِي الأخير مُحملاً بملايين الدولارات؟ أم أن هذا الصراع بين تيارين في السلطة بدأ كل منهما يتحدد شكله وقدراته في صورة تعكس شراسة الصراع على المقدرات السورية بين الإيرانيين والروس؟
كما أن للمزاج والضغط الشعبي في سياق ما يجري دور رئيس في تحديد نتائجه بعد سلسلة أزمات طالت أهم مقومات الحياة، إما بالفقدان أو الغلاء، إلا أن الشارع السوري في مناطق سيطرة الأسد محكوم برغبة إيرانية روسية بإحداث تغيير، عدا عن القبضة الأمنية المفرطة، وهو ما يستبعد حدوثه، لذلك علينا الانتظار للأيام القامة للكشف عن طبيعة الصراع وأبعاده في القصر الجمهوري.