لقد مرت سبعة أعوام منذ خطت مجموعة من تلاميذ المدارس كتابات مناوئة للحكومة على جدران مدينة درعا في سورية، مما أطلق شرارة الحرب هناك.
لقد سقط حتى الآن أكثر من 500000 مدني قتيلاً، وأربعة ملايين أصبحوا لاجئين وأصيب الملايين، وهاجر الملايين، ويعتقد أن أكثر من 75% من الأطفال أصيبوا باضطراب ما بعد الصدمة وأكثرهم لا يستطيعون الحصول على التعليم.
واستخدمت كل الأسلحة ضد هؤلاء المدنيين من غاز السارين الفتاك إلى النابالم والفسفور والذخائر العنقودية والبراميل المتفجرة العشوائية وحتى القذائف الموجهة بدقة والصواريخ.
رغم هذه الفظاعة، ربما تكون الجريمة الكبرى ضد الإنسانية في سورية هي استهداف وتدمير المشافي والمستوصفات، الذين تضمن معاهدة جنيف حمايتهم.
تبقى الحرب عملا قذرا، لكن في معظم الصراعات خلال السنوات المئة الماضية بقيت الطواقم الطبية والمرافق الطبية مقدسة، فالأعداء تبادلوا المعلومات حول مواقع المشافي والعيادات بحيث تبقى محيّدة وآمنة.
أما في سورية فقد تم تجاهل هذا الخط الأحمر مثل كثير من الخطوط الحمراء، وفي الواقع تم استخدام خرائط المرافق الطبية لاستهدافها، بدلا من حمايتها.
لقد بات الاستهداف متعمداً للعمال في المجال الطبي بعد أن أصبح الصحفيون هدفاً في العديد من المناطق الملتهبة، وانتقل الاستهداف إلى عمال الإغاثة في العديد من مناطق العالم، فقد هوجمت منظمة إنقاذ الأطفال في كابول بداية هذا العام من قبل ما تسمى الدولة الإسلامية، وعمال الإغاثة الذين كانوا يقدمون اللقاحات في نيجيريا وباكستان.
وليس من السهل تثبيت الدوافع لهذه الهجمات، لكن في سورية لا شك في أن هذا التكتيك تم استخدامه بشكل منهجي لكسر الروح المعنوية والمقاومة.
ادَّعى النظام السوري أن المشافي والمرافق الطبية قد استخدمت كملاجئ للثوار، رغم أننا من خلال عملنا على الأرض مع منظمات الإغاثة الطبية التابعة للأمم المتحدة ومنظمة يدا بيد من أجل سورية، يمكننا التأكيد أن هذه المشافي ليست ملاذا سوى للمرضى والجرحى.
لقد اشتركنا بشكل مباشر في إخراج 500 طفل من شرقي حلب في 16 كانون الأول، ورأينا بأم أعيننا هذا التكتيك الفظيع، كل المشافي التابعة للأمم المتحدة كانت مدمرة في الأيام الأخيرة من الحصار، وفي آخر 21 يوما منه تم قصف المدينة ببراميل الكلورين 17 مرة، وهذا الغاز أثقل من الهواء لذا يهبط إلى الملاجئ حيث توجد التسهيلات الصحية عادة.
ويستخدم اليوم سيناريو مماثل في الغوطة، فنحن الآن نحاول إخلاء 175 طفلا مصابا بإصابات خطيرة، وحوالي 3000 بالغا ممن سيموتون حتماً إن لم يتلقوا علاجاً طبياً مناسباً.
وحتى قوافل المساعدات الإنسانية المعدودة التي دخلت الغوطة، جُرِدَت من الأدوات الطبية، والمشافي الثمانية التابعة للأمم المتحدة دمرت كلها.
المنظمة الخيرية البريطانية العاملة في سورية؛ يدا بيد بَنتْ مشفى جديداً تحت الأرض في الشمال السوري، من أموال جمع التبرعات في بريطانيا، لكنه قُصِف بشدة الشهر الماضي مما جعله مكاناً غير آمن، وكان يحوي آلة غسيل الكلى الوحيدة في المنطقة.
إن حماية الطواقم الطبية والإغاثية في مناطق الصراع ليست قضية أخلاقية فحسب بل هي قضية عملية أيضا، فمن غير البنى التحتية الصحية لن يكون لهذه المنطقة فرصة للاستقرار أو إعادة البناء حالما تنتهي الحرب، كما أن انتشار الأوبئة إلى البلدان المجاورة هو تهديد وشيك، كما انتشرت الكوليرا في اليمن وشلل الأطفال في باكستان.
منظمة أطباء تحت النار تدعو قادة العالم لمواجهة هذه الانتهاكات لتثبيت الخط الأحمر لحماية المشافي والنقاط الطبية.
الكتّاب: الأطباء: ديفيد نوت، هاميش دي بريتون جوردان، ساليه إحسان، توبي كادمان وإداريون من منظمة أطباء تحت النار.
صحيفة: دايلي تلغراف البريطانية.
الرابط الأصلي للمقال: