تأخذ العادات والتقاليد حيزًا كبيرًا من تفاصيل حياتنا دون أن نشعر، فتغيب بسببها بعض من حقائق الدين بسبب تشبث الناس بتلك التقاليد، وكالعادة المرأة ضحية ذلك الجهل، فعلى سبيل المثال يرى معظم الرجال أن الأشغال المنزلية خُلقت للمرأة مهما صعبت، بل يتعاملون معها على أن الدين فرض عليها ذلك! فهل خدمة المرأة في بيت أبيها أو زوجها فرض؟!
تتعدد الأعمال المنزلية التي توكل إلى المرأة منذ صغرها حتى قبل مماتها من (تنظيف، وجلي، وغسيل، وطهي، وترتيب…) وتؤديها على أكمل وجه ولو كان على حساب صحتها في حال مرضها، وقد تكبرُ الأخت أخاها في السن إلا أنها في حال لم تلبي طلباته من خدمات تتشاجر معه ومحتمل أن يضربها وتستمر على هذه الحال حتى وإن تزوجت، فغالبية الرجال يرون أن تلك الأعمال لا تناسبهم وتنقص من قيمتهم ويوافقون بل ويشددون على أن الأعمال المنزلية من واجب النساء والبنات ويعتبرونها فرضًا عليهن مستدلين بآيات قرآنية أو أحاديث فسروها حسب ما يناسب تفكيرهم وعاداتهم المتوارثة.
وجهة نظر الإسلام
الإسلام أكثر الديانات تكريمًا للمرأة، إذ رفع مكانتها وخصَّها بسورة كاملة في القرآن، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” وأوصى بها حتى في آخر لحظات حياته بقوله: “رفقًا بالقوارير”.
إن خدمة المرأة لمنزلها وأولادها أمر مُستحب يزيد الألفة بين الأزواج إلا أن الأصل في السعادة الزوجية هي التعاون وليس التقسيم المجحف للمهام، فالأعمال المنزلية والتربية لا تقل شأنًا عن عمل الرجل خارج المنزل هذا إن لم تكن الزوجة موظفة وعليها أن تقوم بها لتجنب المشاكل، ولا يجوز إرغام المرأة أو إجبارها على القيام بأعمال المنزل لوحدها في حين يكتفي الرجل بمهمة الأمر والنهي داخل المنزل، وذلك لما فيه من مشقة وإذلال لها، فالمرأة تخدم زوجها وإخوتها، لكنها أيضًا شريكة في الحياة، لها وظائف حياتية مثلها مثل الرجل تمامًا إضافة إلى الحمل والإنجاب والتربية، لذا على الزوج أن ينفق عليها ويرعاها ويساعدها في أعمال البيت، وهذا العمل ليس عيبًا ولا ينقص من رجولته شيء بل هو تعاون متبادل قال الله تعالى فيه: ” ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم”، أي أن عليهن من الواجبات والحقوق مثل الذي لهن، أما الدرجة (القوامة) فمرتبطة بالإنفاق وليس بالخدمة داخل المنزل.
وعلى الزوجين أن يتجنبا الفتاوى التي تثير الفتنة وتشعل المشاحنات بينهما ومراعاة ظروف بعضهما استنادًا إلى أخلاق المسلمين وأفعال الرسول، فكان عليه الصلاة والسلام يخيط ثوبه، ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، أي أن الرجال كانوا يعينون نساءهم داخل منازلهم.
هي أمك وأختك وابنتك، هي خالتك وعمتك أو قريبتك خلقت من ضلعك، كرامتها من كرامتك ووجعها يؤلمك، هي طريقك للجنة فالتمس رضاها، ولا تنقصها شيئًا من حقوقها، واعلم أيها الرجل أن تفسير الآية الكريمة “وليس الذكر كالأنثى” في القرآن إنما نزلت حين نذرت امرأة عمران ما في بطنها لخدمة بيت المقدس، والخدمة فيه تتطلب مقدرة وبنية جسدية قوية ولا طاقة للمرأة عليها، فلا تُحملها أنت ما لا طاقة لها به.