كثرت مشاريع الأمة في الآونة الأخيرة، فكل تجمع عسكري كان أم سياسي أم مدني … مهما صغر أو كبر يريد ان ينقذ الأمة ويعيد لها مجدها، حتى أنك صرت تشاهد أفراداً فتسألهم عن أهدافهم الكبرى في الحياة، فيجيبونك باختصار .. رفع لواء الأمة .. صناعة نهضة الأمة .. إعادة حضارة الأمة المشرقة … الخ .
في الحقيقة تبدو اللغة المتداولة إيجابية للغاية، مفعمة بالتفاؤل والتحدي والسعي نحو التغيير، نعم هذه هي اللغة وهذا هو النص، لكن لو انتقلنا إلى الجانب التطبيقي لهذه المقولة وجدناها مملؤة بالأحلام، مملؤة بالشعارات .. بالخطابات، وفي أحسن حالاتها أو أسوئها نجدها عبارة عن مبادرة مقتصرة على النجاح الفردي والفئوي، بعيداً عن الجماعة وتقبل الأخر، ناهيك عن الأمة .تتحول مشاريع الامة إلى مشاريع تمجد الذات الفردية أو الذات الفئوية، وكلٌّ منها يدعي أنه يمثل الأمة ويسعى للوصول إلى مشروعها الكبير ، وتأتيك المفردة القاتلة للتفاؤل، لتخبرك أن شروع الأمة هو مشروع ضخم يصعب الوصول إليه في الوقت الحالي، وتتحول عبارات التحدي إلى عبارات الشعور بالعجز أمام عمل ضخم يستهدف الامة ليبقى العمل الذي يتمثل هذه الشعارات هائماً في دوامة من الفراغ الذي لا ينتهي، وفاقداً أي بوصلة للتحرك أمام هذه الواقع الشديد الصعوبة …لا أريد أن أجعل الصورة سوداوية، ولكني أريد أن نكون أكثر منطقية في طرح شعاراتنا وأهدافنا، اكثر صدقاً مع انفسنا، لكي نشعر أننا نستطيع الوصول إلى تلك الأهداف، ونبتعد عن الشعارات الكبرى التي من شأنها ان ترسم العجز في طريقنا دائماً، عندما نرى أننا لم نتقدم أي خطوة للأمام، لتكن مشاريعنا واهدافنا هي نحن في البداية، هي إعادة فهم أنفسنا ودورنا في الحياة ضمن المنظومة الثقافية والقيمية التي ننتمي إليها، أمّا مشروع الأمة فهو قادم لامحالة عندما نكون نحن على قدر هذا المشروع . المدير العام / أحمد وديع العبسي