الأهداف الكبرى التي نسعى وراءها لها بريق خاص ووهج قد يسيطر علينا فيجعلنا نغفل عن بعض التفاصيل التي تبدو غير مهمة ومن الممكن أن تكون مدمرة بشكل كبير، أو ذات صعوبات تعرقل سير المشروع نحو أهدافه، أو تدخله في مسارات جديدة يجد نفسه مضطرا للقبول بها بشكل حتمي من أجل عدم انهيار المنظومة التي تحمل المشروع.
أن تعقد تحالفات مع أعدائك أحياناً، من أجل تحقيق مكاسب قصيرة المدى، أو ذات شكل إستراتيجي بالنسبة إليك دون أن تحسب جميع الآثار المترتبة على ذلك قد يوقعك في منتصف الطريق، عندما يتخلى عنك من تحالفت معهم، وتكون قد خسرت التحالفات أو الحاضنة القديمة التي تتكئ عليها فتجد نفسك في الفراغ وحدك.
هذا الأمر ينسحب على مختلف القطاعات السياسية والاجتماعية، ففي حين نلهث وراء تحالفات لا تنتمي إلينا بسبب المصلحة الطارئة أو الهدف الإستراتيجي الذي نعول عليه، نخسر هويتنا بالتدريج دون أن نشعر، نصل في وقت ما إلى ألّا نعرف من نحن تحديداً، أو يصعب على المجتمع تعريفنا، نخسر هويتنا التي انطلقنا منها، التي كنا نحشد من خلالها تجاه ما نؤمن به.
أحيانا الحاجة لتحقيق مكاسب في غمرة الخسارات تلعب دور بريق الأهداف الكبرى، وتجعل الناس ينجرفون نحو أي حل، أو مشروع يحقق لهم مكاسب تخرجهم من حالة الخسارة، ويغدو البحث في التفاصيل أمام الفاجعة ترفاً لا أحد يملك وقته، أو الصبر حتى إنجازه، وتكون النتائج، إن ظهرت، هي نتائج ذات صبغة ليست حاسمة، بسبب حالة الضغط التي تريد شيئا يخفف من وطأتها، وليس بسبب عسر المناهج المستخدمة أو عدم دقة الأدوات.
إن ملاحظة التفاصيل في أوقات كهذه تكون صغبة جداً، لكن التخلي عنها تجاه تحقيق شيء من الإنجاز غير مضمون النتائج البعيدة سيؤدي إلى كوارث متراكمة يصعب إعادة إصلاحها.
علينا أن نُجيد صنع التوازنات التي تحقق المصلحة وتحفظ الهوية والانتماء، ولا تغفل عن دور أي تفصيل صغير في طريق الوصل للهدف الذي نسعى إليه، من أجل أن نحمي أنفسنا تجاه الانهيارات الكبيرة أو التماهي في أشكال لا تشبهنا نبدأ تبريرها بمقتضيات الضرورة.
المدير العام | أحمد وديع العبسي