ماجدة حسين
في ظلّ الظروف الراهنة التي يمرُّ بها الشعب السوري نجدُ أنَّ هناك الكثير من المخاوف التي يُعاني منها معظم شرائح الشعب.
وكما نعلم أنَّ للخوف عدة أنواع، وأبرزه الخوف الذي سيطر على قلوب وتفكير الأهالي، حيث إنَّنا نراهم يبحثون وبشكل دائم عن مكان للعيش الآمن بعيداً عن القصف الهمجي من العدو الغاشم، وكذلك الخوف من عدم الاستقرار، والخوف من عدم القدرة على تأمين الاحتياجات الضرورية لاستمرار الحياة، والخوف من التعلّم وغيره من الأنواع الأخرى.
ولكننا إذا أمعنّا النظر في كلِّ الجوانب المسبّبة للخوف أياً كان نوعه فإنَّنا نجدُ أنَّه إذا أزلنا أسباب الخوف تزول النتائج.
ولكن من أخطر أنواع الخوف، هو الخوف من عدم متابعة التعلّم؛ لأنَّ نتائجه لا تزول بزوال السبب، بل على العكس فكلّما مرّ الزمن ستظهر نتائجه السلبية بشكل أكبر.
بعد الاطلاع على كثير من الآراء، لأشخاص من مختلف الشرائح العُمْريّة كانت هناك جملة تُعتبر الأخطر من بين الآراء والتي هي:
«ماذا سنستفيد من التعلّم؟ الدراسة لا مستقبل لها في ظلّ الحرب»
معظم الأشخاص الذين يقتنعون بهذا الرأي ينظرون للتعلّم من وجهة نظر النفع المادي، مُتناسين أنَّ المال وحده لا يجلب الرفعة وعلو المنزلة، ولا يحقق النهضة والرقي في نسيج المجتمع.
وممّا لا شكّ فيه أنَّ الحياة مستمرة رغم كُل المخاوف والزمن يمضي سريعاً؛ فـنرى أنَّ البعض من هذه الشريحة أصبح لديهم عائلة وأطفال، وهنا سوف تتجلّى لهم النتائج السلبية للخوف من عدم التعلّم في صغرهم، وبخاصة على أطفالهم الذين هم براعم المستقبل، فهم لا يحتاجون منهم الطعام والشراب واللعب فقط، بل هم يحتاجون في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضاً إلى من يُهذّبهم ويُربّيهم تربية سويّة على مختلف الأصعدة « الصعيد الديني ، والأخلاقي ، والعلمي ، والثقافي … إلخ » وكُل ذلك لا يتمّ بالشكل الصحيح ولا يكون إلّا بالتسلّح بالعلم وبتوسيع الأُفق الفكري والثقافي.
قد أجدُ من يُخالفني بالرأي ويُقدّم أعذاراً واقعية لعدم متابعة التعلّم -وإنني أكاد أجزم أنَّهم يتكلمون بمنتهى المنطق.
كأنْ يقول: الوضع الأمني في المنطقة الموجود فيها لا يسمح لي بإرسال أطفالي إلى المدرسة؛ فنرى الأطفال والكبار مُنشغلين بكل ما يُبعدهم عن العلم والتعليم.
وهناك من يقول: الوضع الاجتماعي لا يُتيح لي فرصة الاختلاط بكل شرائح المجتمع؛ خوفاً من توسّع دائرة المشاكل الاجتماعية، فنرى أنَّ المشاكل تزداد وتتفاقم بسبب عدم التواصل وعدم تبادل الآراء.
والبعض يقول: الوضع النفسي لا يُهيّئ لي مجالاً لتخصيص مدة زمنية قصيرة من ساعات اليوم الواحد المليئة بالفراغ للمطالعة أو لكسب معلومة واحدة جديدة.
فإنني أودُّ أن أُقدّم رأيي لهؤلاء الأشخاص الذين يتمسكون بقوة بهذا الرأي، إننا إذا استمرينا بالسير على هذا المنهج المعيشي الذي يبدو ظاهرياً أنَّه الصواب، فإننا وللأسف سنحبِس أنفسنا في ظُلمة الجهل الفكري، رغم أننا نمتلك القدرة على إيجاد الشرارة التي بِمقدُورِها إشعال الشمعة التي ستُنير مساحة آفاقنا الواسعة.
وأودُّ أنْ أُضيف أنَّ التعلّم لم يكُنْ يوماً مرتبطاً بالذهاب إلى المدرسة فقط، بل هناك الكثير من الطرق والوسائل التي علينا أخذ المتوفر منها بين أيدينا، وإشغال تفكير أبنائنا بما ينفعهم، فمثلاً نستطيع تسجيلهم في مراكز تعليمية وتثقيفية، وإذا كان ذلك يَشُقُّ عليهم فمن المعروف عموماً أنَّ جميع الشرائح العُمْريّة باتت تمتلك وسائل التواصل الإلكترونية والتي يجب علينا الاستفادة منها بالشكل الإيجابي.
ومن باب النصح للجميع نشير إلى ضرورة كسر حاجز القراءة، لأننا عندما نقرأ كثيراً سنتعلّم الكثير من الأشياء التي ستُفيدنا في رفع مستوى المعنويات النفسية التي تُوشك على الانهيار، وحلّ الكثير من المشاكل الاجتماعية، بالإضافة إلى تعلّم الكثير الكثير من الخبرات المتنوّعة التي من المُؤكد ستُفيدنا في تسهيل العوائق المعيشية التي تعترض مسيرة قدرِنا المحتوم الذي لا مفرَّ منه.