الحبس: هو تجريد كلِّ شخص ارتكب مخالفة للقانون من حريته حتى يستقيم، وأحيانا هو ردُّ اعتبار للمجني عليه من الخطأ الذي أصابه من تصرف ما خارج نطاق الحق والقانون.
وقد ينطوي في الحبس كثير من الظلم للشخص المُخالف بسبب أمور بسيطة ربما ارتكبها بطريق الخطأ أو بسبب جهله بالقانون، عند ذلك من الممكن اللجوء إلى طرق بديلة عن الحبس تفي المخالفة بالغرض، وترضي المُخالف ضده أكثر من الحبس.
لعلَّ النقاشات التي تمَّ تداولها في القانون العربي الموحَّد من قبل وزراء العدل العرب في مقرِّ الجامعة العربية عن طريق توحيد القانون في جميع الدول العربية ليكون أوَّل طريق صحيح من أجل الوحدة العربية المنشودة، فقد تمَّ تداول الحبس في عدة مواد أُقرّت بالقانون العربي الموحَّد تنطوي على سلبيات وايجابيات، فمن سلبياته:
1-إهدار المال العام للدولة في مصروفات السجناء من طعام وشراب ودواء، وغيرها الكثير.
2-وضع القوى البشرية، وحشدها في تجمعات خاصة.
3-ضعف إنتاج الدولة، والتأثير السلبي في اقتصادها نتيجة حشد القوى البشرية.
4-انتشار الأمراض النفسية والجسدية بين المساجين، وانتشار الأمراض السارية في خارجه بعد إطلاق سراحهم.
5-هدر تعويضات المجني عليه المادية الضائعة نتيجة المخالفة عن طريق حبسه بها،
وهناك الكثير من السلبيات المطروحة التي من الممكن الاستعاضة عنها بأساليب مفيدة وناجعة أكثر من الحبس.
لذلك تمَّ اعتماد التقسيم للمخالفة ما بين جنائي وجنحي في طريق تطبيق البدائل من استمرار نهج الحبس، والطريقة المثلى في الوصل إلى الهدف من إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل المخالفة أو التعويض.
تمَّ الاستعاضة عن الحبس بالبدائل في الجنح، واستمر الحبس في الجنايات، لكن من الجنح الموصوفة، وهي الأشد قوة من الجنح العادية، ممَّا يستدعي الحبس مع التعويض المخفف للعقوبة؛ لأنَّهم نظروا إلى الهدف من العقوبة، وهي إعادة الحقوق إلى أصحابها مع إعادة تأهيل المخالف، وإعادة دمجه في المجتمع بشكل صحيح.
فمن الجنح التي من الممكن الاستعاضة عن الحبس بها، وإنتاج فائدة أكثر :
1-التعويضات المادية عن المخالفات البسيطة.
2-المنع من السفر.
3-الإقامة الجبرية.
4-سحب التراخيص.
5-التوقيف عن العمل بأمور تخص المخالفة.
6-المنع من بعض الحقوق، كحق التملك والانتخاب والترشح.
7-حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة.
8-التجريد من بعض الحقوق، كالانتفاع والارتفاق والاستملاك.
كلُّ هذه البدائل تقدر لكل مخالف حسب الجنحة والمكان التي جرت به، مثلا المتعهد المخالف والموظف المرتشي والطبيب والسائق والمعلم ورجل الأمن، ويعود أمر تعويضه إلى القانون إن وجد نص أو اجتهاد القاضي في أمور لم تسن بقانون صريح.
لكن في الجنايات التي تستوجب الحبس على جرم كبير فيه حقوق شخصية وعينية، لابدَّ من الحبس لإعادة تأهيل هذا الشخص المخالف وإصلاحه حتى تستقيم أعماله وتصرفاته، ليخرج إلى المجتمع شخصا منتجا يستطيع التعامل مع المجتمع بالقانون وعدم العودة إلى تلك المخالفات التي انتهكها، وبذلك يخرج المساجين منتجين للبلد بدلا من أن يكونوا عالة ومهدرين لاقتصاد البلد.
وهناك الكثير من البدائل الأخرى التي يمكن ممارستها كبديل عن الحبس، وما أسلفناه بعض ما أقر وطبق في بعض البلدان العربية.
وقد تُرك للبلدان العربية الحرية في تطبيق بعض الأمور الخاصة والظروف التي تتبع لكل بلد حسب ظرف ومكان المخالفة ونظام الحكم التي تنتهجه الدول وأنظمتها من جمهوري وملكي وأميري…
ومن ناحية أخرى تُرك لكل بلد عربي العمل مع المجتمع الدولي ومنظماته حسب ما وقع واتفق مع تلك المنظمات والمجتمعات الدولية من اتفاقيات.
كانت فكرة القانون الموحد عملا عظيما لتوحيد الدول العربية التي تستند إلى تاريخ ولغة ودين وأرض واحدة.