غسان الجمعة |
تستمر المحاولات الأمريكية لتقريب وجهات النظر بين ما يسمى الإدارة الذاتية وممثلي المعارضة السورية (الائتلاف السوري) بهدف تشكيل جبهة سورية واحدة في الشمال السوري، وقد جاءت تصريحات (إلهام أحمد) الرئيسة التنفيذية لما يسمى مجلس سورية الديمقراطية (مسد) الأسبوع الماضي متناغمة تمامًا مع الرغبة الأمريكية التي يعمل عليها (جيمس جيفري) المبعوث الأمريكي لسورية.
(إلهام) نددت بالعقلية السلطوية للنظام، ولمَّحت لإمكانية عقدها حوار مع الائتلاف السوري المعارض، إلا أنها استتبعت بقولها: “إنه لا يملك قراره بيده، وهو رهينة بيد الدولة التركية.”
الجديد بتصريحات (إلهام) انعطافاتها نحو الائتلاف السوري بعد عدة زيارات لدمشق خلال السنوات السابقة التقت بإحداها ( بشار الأسد) نفسه في مؤشر لخضوع الميلشيات الكردية بجناحها السياسي للضغط الأمريكي الذي يسعى لإيجاد آلية وصيغة تخدم مصالحه ومصالح تركيا في الشمال السوري كونهما على شراكة وتقارب إلى حدٍّ ما تكاد تفقده واشنطن لمصلحة موسكو من البوابة السورية، لكن هل تستطيع واشنطن تحقيق مساعيها بحماية ميلشياتها وإبعاد حليفتها عن الفلك الروسي ودعم المعارضة السورية بمنظور إستراتيجي مشترك لكل هذه القوى؟
العقدة الأهم للمشروع الأمريكي في سورية تحقيق الرضا التركي الذي لا يمكن أن تكتمل أركانه دون أن يتم إنهاء تنظيم (قسد) الإرهابي الذي يعدُّ رديف القوات الأمريكية في المنطقة؛ لأن الولايات المتحدة باتت أكثر حِدة وصرامة في مواجهة التحركات التركية في الشمال السوري، وباتت خيارات أنقرة محددة بطريق وحيد هو خيار الدمج وإعادة التأهيل على النموذج الكردستاني العراقي، وإن كان هذا النموذج لا يتناسب مع الحجم الديمغرافي للتمثيل الكردي في النسيج السوري، إلا أن طبيعة الرؤيا السياسية الأمريكية تفرضه سياسيًا و عسكريًا على الخريطة السورية.
من جانبها تبقى المعارضة السورية الطرف الأضعف في امتلاك قرارها السياسي حسب توصيف (إلهام أحمد)، وإن كانت الفرضية صحيحة سياسيًا، إلا أن الثابت هو صعوبة تحقيق اندماج فعلي بين المكون السوري في مناطق الائتلاف والعنصر الانفصالي في شرق الفرات، لما ارتكبه الأخير من جرائم عنصرية وإرهابية دفعت الكثير من أبناء المنطقة الشرقية للنزوح إلى مناطق الحكومة المؤقتة.
في المقابل تصف (قسد) المدنيين الفارين من عصابات الأسد وإجرامهم في المناطق الآمنة التركية بالمستوطنين، وغالبًا ما تنعت الجيش الوطني بالمرتزقة.
أما بخصوص إدلب فلا يمكن البحث فيها كمفردة معزولة عن الإستراتيجية الأمريكية في الشمال السوري على الرغم من سيطرة هيئة تحرير الشام عليها والمصنفة على لوائح الإرهاب الأمريكية، إلا أن التسوية إن فرضت نفسها بتوافق تركي أمريكي بين هذه المكونات سيتم القبول بها كأجسام بريئة من افتراء أصحاب المصالح، والتجربة الأمريكية في أفغانستان حاليًا هي خير مثال للتعامل مع كلمة (إرهاب).
إرهاصات اللقاء بين اللاعبين وفرقهم السورية هي قاب قوسين أو أدنى، وما تصريحات (إلهام أحمد)، والسماح للمجلس الوطني الكردي بالدخول في حوار (كردي- كردي) إلا مقدمات وضعت نقاطها أمس تصريحات جديدة لإلهام أحمد تحدثت فيه عن انهيار الدولة في حال إقدام النظام على مهاجمة شرق الفرات، وأغلقت الباب في وجهه النظام بعبارة أنها بحاجة لشبه معجزة للتوصل إلى حوار معه.