محمد حميدي |
اشتهر عن أهل الشام حبهم للإسلام، ولا يخفى على أحد ما يظهره العوام من الناس من ضروب في إكرام العلماء وتبجيلهم وثقتهم العمياء في أهل الدين والصلاح… فعلى رأس كل وليمة يجب أن يكون هناك مكان محفوظ لشيخ من شيوخ الحي أو القرية… وغيرها من الأمور التي تُظهر مكانة العلماء والمدعين للعلم في قلب أهل الشام.
وهذا وإن دل فإنَّه يدل على صفاء سريرتهم وطيبة سيرتهم وحسن معشرهم وطهر قلوبهم … فعمد النظام الصفوي للعب على هذا الوتر الحساس الذي يطرب الناس فيحقق عبره مآرب تهتك بالإسلام وتحل عراه… فقام بالتشجيع على إنشاء الزوايا وحلق الذكر، وعهدها إلى ناس لا تفقه في دين الله شيئاً… وكان يتخلل هذه الزوايا كثير من الأمور الخرافية والأفكار المجنونة المضحكة… وكل ذلك باسم الدين.
وكان لهؤلاء الشيوخ ومدعي العلم دورٌ كبيرٌ في صرف أنظار الناس عن الأعمال الوحشية التي يقوم بها النظام، وتبريرها بفتاوى تحفظ مكانتهم عند كبيرهم الذي علمهم السحر.
وما إن دخل الإسلاميون الثورة، وانتشروا في مفاصلها، أُفسِح لهم في المجالس، وامتشقوا المنابر يبثون فيها أفكارهم، وينشئون معسكرات شرعية لتخريج جيل من العلماء في مدة خيالية، فكانت الصدامات تصدع المجالس لتقسم الشعب لقسميين، قسم صوفي في نظر الطرف الآخر كافر مرتد ذو عقيدة فاسدة تحوي في طياتها بذور التشيع، وقسم آخر سلفي يريد أن يعيد الأمة لعهد الصحابة بين ليلة وضحاها…
أمَّا عن الجماعات الجهادية أو الإسلامية السلفية، فقد نجحت في جذب الشباب المندفع لنصرة الدين، فكانت بمثابة مغناطيس قوي يسحب الشباب البريء لدورات شرعية تقتصر على تكفير الناس ووجوب إطاعة أمر الأمير الذي تمت مبايعته غيابا بدون أن يُعرف أي معلومة عن هذا المجهول الملثم الذي اقتصر على لقب حركي بذريعة (الأمنيات)
واليوم، وبعد سبع سنين من الثورة، نجحت الأنظمة الخبيثة بتغيير نظرة الناس في مشارق الأرض ومغاربها حول حقيقة الإسلام وجوهره، فصورته لهم على أنَّه لحية، وسكين، ودم يسيل باستمرار …