غسان الجمعة |
تتصاعد حدة الصراع بين تركيا والإمارات في المنطقة بكل الأبعاد والأشكال، وآخرها ما حصل الاسبوع الماضي من هجوم عنيف استهدف الليرة التركية في الأسواق العالمية، وهوى بها إلى مستوى منخفض عزاه مصدر مقرب من دوائر القرار التركية إلى حملة منظمة تقودها الإمارات والسعودية، حسب صحيفة القدس العربي. فلماذا هذا الصراع الإقليمي بين الجانبين؟ وكيف يمكن للإمارات الاندفاع في مواجهة بلد بحجم ووزن تركيا؟!
بذور التنافس بين البلدين تعود إلى انطلاقة الربيع العربي، حيث أخذت الإمارات على عاتقها دعم الثورات المضادة والوقوف إلى جانب المنظومات العسكرية الاستبدادية في وجه ما تسميه بالإسلام السياسي، الذي تقود رايته حركة الإخوان المسلمين، بينما على النقيض الآخر دعمت تركيا إرادة الشعوب وثوراتها، وأظهرت رغبتها بالعودة لحديقتها الخلفية عربياً لاعتبارات تاريخية وحضارية وثقافية.
من جهة أخرى يشكل نجاح برنامج حزب العدالة والتنمية الذي تعدُّه الإمارات الرديف الإديدلوجي لحركة الإخوان المسلمين في البلدان العربية، مصدر قلق وتهديد سيما مع الإعجاب الكبير للمجتمعات العربية بالنهضة التركية ومنظومتها السياسية وخصيصًا أنه حزب تولى السلطة بطريقة ديمقراطية.
ويمكننا القول: بعد نجاح الإمارات في توطيد حكم الانقلاب في مصر وحادثة مقتل (خاشقجي) انضمت كل من السعودية ومصر إلى ساحة المواجهة إلى جانب الإمارات في هدف واحد هو إسقاط حزب العدالة والوقوف في وجه تركيا أينما وجد نفوذها طريقه.
هذا الدفع باتجاه معاداة تركيا بقيادة إماراتية تدعمه أمريكا وإسرائيل لتحقيق مصالحهما في المنطقة، فواشنطن لا تريد الانزلاق سياسيًا بشكل محرج وعلني في مواجهة تركيا، وكذلك إسرائيل لا تريد كسب المزيد من الأعداء في المنطقة ورفع الأسهم التركية في المحيط العربي والإسلامي، لذلك عندما تواجه دول المحور الإماراتي تركيا، تعلم حجم القوة المحركة لها وتواجه بناءً على ذلك.
كما أن دولاً مثل روسيا وإيران وبعض دول الاتحاد الاوروبي تجد ضالتها في المحور الإماراتي لمهاجمة تركيا دون أن تدخل معها في صدام مباشر، وكما هو اليوم في كل من سورية وليبيا، فإن هذه الدول تقف في مواجهة تركيا إلى جانب الإمارات، بل إن تسريبات أوضحت أن حملة النظام السوري الأخيرة على إدلب تمت تغطيتها ماليًا بشكل كامل من قبل الإمارات.
التنافس على النفوذ بين الطرفين في كل من سورية وليبيا بدأ يأخذ صورة أوضح للمشهد وتقرب الإمارات من النظام السوري دليل على رغبتها في المواجهة، إلا أن تركيا ليست بصددها ولا تحاول الانجرار إلى الفخ الغربي بتحويلها إلى إيران جديدة تؤدي إلى خسارتها جمهورها العربي، وعلى المعارضة السورية التخفيف من تداعيات هذا التنافس لأقصى حد ممكن دون الانحياز الكامل لأي جهة.