نارمين خليفة |
ماذا بعد أيها السوري/ة، إلى متى سيبقى مشهد الموت مستحقاً ومألوفاً لجميع أحوالك؟ فإن كنت عسكرياً تحاول الدفاع عن نفسك وتحمل بندقيتك وتهدد بأسلوب موتك هذا عروش استبداد الطغاة، فأنت فعلاً تستحق ما يقع عليك من تقطيع وتقتيل دون أدنى مجال للشفقة، ولو كنت مدنياً أعزلاً فيجب أن تُصلب ويأكل الطير من رأسك فما الذي يبقيك في هذه البلاد السوداء المشّرعة للحرق والانتقام، سوى حظك العائر وساديتك تجاه نفسك؟! أرأيت فعلًا كما يقال: “الموت لا يتعدى على أحد”.
إن كنت شاباً فأنت مشروع فدائي سيدمر إمبراطوريات الظلم والاستبداد، لذا يجب استئصال شأفتك قبل أن تكبر، وتكون سبباً في ولادة عددٍ من المغاضيب المطالبين بالحرية والعدالة والحق.
سعيدة من أجلك عزيزتي الأنثى ربما لن تتحملي أكثر ممَّا تستطيعين، فلست تمثال الشرف المقدس المصون في أبراجه العاجية في شرقنا السعيد ذات يوم، بإمكانك المطالبة بحياة كريمة بحقوق وأُسرة أو بدون أسرة أو قيود، وستكونين محمية في عهدة الكثير من المجتمعات والمنظمات المدنية، وستحصلين كأدنى حد على التعاطف والاستنكار لو تعرضتي لانتهاك ما، .. ولكن للأسف بما أنكِ سورية ربما سيجعلك تموتين على درب المحاولة، ستتمزق قمصان أحلامك وحقوقك من قبل ومن دبر وبمؤامرة دولية دون تعاطف أو محاسبة لقاتلك وسالب حقك بالتعليم والمساواة بل بالحياة أيضاً.
فقط لأنني ولأنكَ سوري، يجمع العالم والقريب والأخ والغريب على تجاهل معاناتنا فقضيتنا لم تعد قابلة للبروظة في سوق الاستعراض الأخلاقي والأممي، ولم تعد دماؤنا سلعة ذات قيمة في مزاد المصالح السرية والعلنية، لم يعد لحقوقنا مكان في ميزان الادعاءات والهرطقات لدى مدعيّ حقوق النسوية والإنسانية والعدالة وغيرها.
نموت غرباء منبوذين وحيدين لا بواكي لنا، كأننا مجذومو القرن الحادي والعشرين، نحن فقط ذاك المنظر المشوه للجمال والحضارة الذي يسعى الجميع لتناسيه أو إخفائه.
ولكن هل تعطينا آلامنا ومظلوميتنا الحق في استصغار حقوق وآلام الأخرين؟ لا أعلم حقيقة، ربما هو جنون ضياعنا الذي لا خيط نور يشق ليل تخبطه، وقد لا يعذرنا هذا فحقنا السليب المصلوب على مذبح الإنسانية يجعلنا أكثر الشعوب إحساساً بالظلم وانتصاراً للمظلوم وحقداً على الظالم، فليعذر العالم ردود فعلنا الانتحارية فلا موت يشبه موتنا ولا بشاعة تشبه بشاعة صمته على موتنا.