الاندبندنت – الكاتب: باتريك كوكبرن –
باتت قطر دون سابق إنذار مُحاصَرَةً من قِبَل جيرانها، إذ قطعت خمس دول علاقاتها الدبلوماسية بقطر، وفي مقدمة هذه الدول: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وكذلك مصر والبحرين واليمن، وقطعت هذه الدول رحلاتها البرية والبحرية إلى قطر وطردت المواطنين القطريين ممهلة إياهم 48 ساعة للمغادرة.
المملكة العربية السعودية وحلفاؤها يطلبون -في الحقيقة- من قطر التوقف عن السياسة الخارجية المتفردة، وترويض أو إغلاق قناتها التلفزيونية الجزيرة، ويدّعون أن قطر تشترك مع إيران في دعم الإرهاب، رغم أن قطر واحدة من دول التحالف السني الفضفاض الذي يناصب إيران العداء في سورية واليمن.
وهدد أحد قادة جماعات الضغط السعوديين في الولايات المتحدة بتغيير النظام في قطر، قائلاً في تغريدة موجهة لأمير قطر: “أريد تذكيرك أن محمد مرسي (الرئيس المصري المنتخب) فعل كما تفعل تماماً فتمت الإطاحة به وزجَّ به في السجن”.
لدى المملكة العربية السعودية وقطر تاريخ طويل من التنافس، فرغم أن قطر دولة صغيرة الحجم إلا أن ثراها الفاحش ومخزونها الهائل من الغاز أعطاها نفوذاً كبيراً، ودعمت الربيع العربي مالياً وإعلامياً، ودعمت الإخوان المسلمين في مصر وحماس في غزة.
ومنذ ثلاث سنوات سنة 2014 حدثت مواجهة مشابهة لكن أقل حدة بين قطر وجيرانها، الذين اتهموها بالتدخل في شؤونهم الداخلية، ومنذ ذاك الوقت وقطر تحاول ألا تتورط أكثر في تأييد أو متابعة سياسيات تناقض سياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ما الذي تغير في الخليج حتى حدثت الأزمة المفاجئة الآن؟ الجواب هو أن ترامب ألقى بالكرة الفولاذية المدمرة على المنطقة الشهر الماضي عبر إعلانه دعمه المطلق للمملكة العربية السعودية وخصوصاً لنائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مما أخل بتوازن القوى في المنطقة، فقد شجع هذا الملك السني في البحرين على سحق المقاومة الشيعية المتبقية ضده، وقتل خمسة متظاهرين في إحدى القرى وأغلق آخر صحيفة مستقلة.
الأكثر خطورة من هذا هو ما قدمه ترامب من دعم غير مشروط للملكيات السنية وللمستبدين السنّة خلال زيارته التي استمرت ليومين إلى الرياض مما شجع المملكة العربية السعودية على بدء الجولة الأخيرة من المواجهة مع قطر.
ربما لم يقصد السيد ترامب أن تصل الأمور إلى الأزمة الأخيرة عندما انتقد إيران بشدة دون أن يحددها وعندما ألمح إلى أن الشيعة هم مصدر الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن السعوديين فسّروا هذه الكلمات على أنها إذن لهم للتحرك ضد قطر رغم وجود قاعدة أمريكية رئيسية فيها.
سيكون من الصعب على قطر الصمود أمام الحصار، وفي ظل وجود السيد ترامب من الصعب معرفة درجة الحماية التي يمكن أن يقدّمها، كما أن حرص الأمير محمد بن سلمان على تأمين سبيله للوصول إلى العرش السعودي لا يحتمل الفشل، فهذا قد يدفعه للمضي قدماً حتى النهاية لإنهاء قطر كدولة مستقلة، لقد حدث هذا للمرة الأولى في الخليج عندما غزا صدام حسين الكويت سنة 1990.
ترجمة: ضرار الخضر