عبدالعزيز العباس |
رجلٌ يقرر الانتحار إن لم يجد عشرة أسباب للحياة، وامرأة مطلقة تذهب معه لأنّها لا تجد سبباً واحداً للحياة، ومصور سطحي يعشق الحياة بكل تفاصيلها، وبين هؤلاء الثلاثة تجري أحداث رواية إنستا حياة للكاتب المصري محمد صادق صاحب رواية هيبتا الشهيرة وعضو اتحاد مصر، التحق بالهندسة في جامعة العاشر من رمضان لكنّه تركها في 2011 ليتفرغ للكتابة الروائية.
حسين عارف شاب في 35 من عمره يُنشئ صفحةً على الفيسبوك باسم (إنستا حياة) يقول فيها: إنّه سوف ينتحر بعد ثلاثة أشهر إن لم يجد عشرة أسباب للحياة، وسرعان ما تصبح هذه الصفحة من الصفحات الشهيرة في مصر، وتحصد آلاف الإعجابات والتعليقات التي توزعت على عدة أشكال، وكان من الناس من يشتم هذا الشخص ويسبه ومنهم من يصفه بالملحد أو الكافر أو المعتوه أو المجنون.
حسين عارف أشهر منتحر في مصر كان يعمل في السوشال ميديا من 4 سنوات قبل أن يتزوج فريدة المنياوي وهي مؤلفة وكاتبة وروائية، تزوجها حسين عارف قبل أربع سنوات ثم ماتت ن فترة قبل أن يعلن عن إنشاء صفحة إنستا حياة بشهرين، والرواية التي كتبتها قبل موتها كانت هي رواية (الموت هو المنتصر) هل كان لهذه الرواية وموت الكاتبة فريدة المنياوي الأثر الكبير في قرار حسين عارف بالانتحار إن لم يجد عشرة أسباب للحياة؟ أم أنّ هناك أسباب أُخرى لهذا القرار الغريب؟
رواية رمزية أو فلسفية تناقش أهم فكرة في هذه الحياة وهي: لماذا يحيا الإنسان؟! أو ما هي أسباب الحياة؟ هل هو الأمل أو الأطفال أو الزوجة أو عبادة الله أو أسباب أُخرى…؟ الغريب في الموضوع أنّ لمى مصطفى وهي مطلقة عمرها 27 سنة لم تجد أي سببٍ للحياة، لذلك كانت منذ أول منشور في صفحة إنستا حياة تُدافع عن حسين عارف وقد تعرضت بدورها للقصف والانتقاد ومحاولات لفت الانتباه أو التعرف عليها، إذ إن كلمة مطلقة كفيلة بأن تجعل كل شخصٍ يطمع بها ويحاول التقرب منها بأيِّ طريقة بقصد الزواج أو الحب أو… وبالفعل يقع عاصم زيدان، وهو مصور سطحي، في حب لمى مصطفى ويحاول التقرب منها بأيِّ طريقة؛ لأنّه يحب الحياة بكل تفاصيلها، ولمى هي الحياة بالنسبة إليه.
بقي ثلاث ساعات على تنفيذ حسين عارف قرار الانتحار، فيحاول عاصم زيدان ومحمد حسن اللحاق بحسين عارف ولمى مصطفى قبل أن يقوما بالانتحار الجماعي؛ لأنّ لمى مصطفى هي الأخرى تفكر جدياً بالانتحار بعد الطلاق وفقدان الأمل في هذه الحياة.
الرواية لم تذكر أسباب الحياة التسعة التي وجدها حسين عارف، بل ناقشت بعض تلك الأسباب مثل السبب الرابع وهو رأي (باروخ سبينوزا) في سبب الوجود، لكن لم يشرح الكاتب هذا الرأي بكل وضوح، حتى لو أنّه شرح الفكرة بشكل يتيح للقارئ مناقشة هذا الرأي وفهمه، وكذلك فعل مع السبب الديني للحياة بدون شرح أو تحليل.
كانت نهاية الرواية ليست بقدر التشويق الذي بدأت به؛ لأنّ حسن محمد صديق لمى مصطفى وعاصم زيدان أقنعا حسين عارف بترك قرار الانتحار بحجة أن لمى مصطفى كان لديها السبب العاشر للحياة، لكنّها لم تجد سبباً واحداً للحياة حتى تجد السبب العاشر، مع أنّ الكثير من الذين علّقوا على منشورات حسين عارف كانت لديهم أجوبة مقنعة أحيانًا وهو أنّ الحياة لا يمكن حصرها بعدة أسباب فقط.
في هذه الحياة هناك أشخاص نعيش لأجلهم وهم مختلفون حسب الشخص (العائلة، والزوجة، والأطفال، والحبيبة، والأصدقاء…) لكنهم برأي حسين عارف أسباب نسبية.
فهل إن فقدنا أحدهم نفقد الحياة؟! الرواية دعوة للتفكير في أسباب الحياة والوجود بمعزل عن العواطف والمشاعر والدين بطريقة عقلية بحتة تجعل الإنسان روبوتاً من حديد.