تحقيق: محمد ضياء أرمنازي
أصبح الهدف المفضل للطائرات الروسية وطائرات النظام، المشافي والمخابز والأبنية الحيوية المهمة، ولا يخفى على أحد أنَّ المقصود من معظم هذا الاستهداف هو التأثير على الحاضنة الشعبية للمجاهدين في المناطق المحررة.
ورأينا كيف استهدف النظام مشفى شوقي هلال ومشفى القدس ومشفى البيان، لكن كان هناك اختلاف واضح في حجم الدمار الحاصل، ولم يكن السبب هو اختلاف نوع الصاروخ، بل كان السبب هو صمود البناء لسببين أولاً: قوة طبيعة البناء، وثانياً: قوة التدعيم والتدشيم.
وعندما نرى أنَّ الفرق في الدمار كبير بين البناء الضعيف غير المدشم وبين البناء القوي المدشم يتضح لنا أهمية التدشيم.
وبعد استهداف أحد تلك المشافي المدشمة بصاروخ فراغي سقط أمامه لم يتأثر البناء ولم ينهار وكان جميع القتلى ممَّن كانوا خارج المشفى، إذ سقط أمامه (6) من عناصر المشفى و(5) من المدنيين، وكانوا جميعهم خارج المشفى، وجرح داخل المشفى (10) أشخاص فقط.
فلم ينهار البناء من شدة الانفجار، وصمدَ أمامه وحافظ على من بداخله، بسبب وجود التدشيم القوي الذي شتت من قوة الانفجار، وبالتالي كان له الأثر الفعال في الحفاظ على البناء من الانهيار.
وللوقوف على حقيقة هذا الأمر قامت صحيفة حبر بزيارة المشفى المذكور، والتقت مع أبي إبراهيم مدير المشفى فقال: (لقد فاد التدشيم في الحفاظ على بناء المشفى من الانهيار، وننصح جميع المشافي والمؤسسات الحيوية المهمة بالتدشيم).
وتضيف الآنسة وعد وهي إعلامية في نفس المشفى: (لولا فضل الله أولا ثمَّ وجود هذا التدشيم والتدعيم لكان البناء انهار بالكامل بمن فيه من شدة الانفجار وقربه من البناء، لكن بسبب هذا التدشيم الجيد، حافظ البناء على نفسه ولم يقتل أحد بداخله، والآن نشعر بالأمان؛ لأن َّالتدشيم أعيد كما كان).
وعند زيارتنا إلى الطبابة الشرعية وجدنا أنَّ الطبابة قامت بتدشيم مبنى الطبابة الشرعية من أجل حمايته من القصف.
يقول أبو جعفر مدير الطبابة الشرعية:
(قمنا بتدشيم مبنى الطبابة من أجل الإقلال من عمليات التهدم والانهيار في الجدران والأسقف نتيجة استهداف الطيران لهذا الأماكن المهمة، وهذا التشيم جزء من الأخذ بأسباب الحيطة والحذر، وقد لا يُحمى المكان بشكل كامل، لكنَّه يحميه بنسبة جيدة، من آثار القصف،
ورغم أننا بحاجة إلى تدشيم كافة المؤسسات والدوائر والمنشآت الثورية، إلا أنَّ ذلك لا يمنع من التأكيد على ضرورة استخدام الأقبية وضرورة إحداث نظام عمراني جديد تحت الأرض يتناسب مع طبيعة القصف المستمر).
وقد قمنا أيضاً بزيارة المدير المالي في مشفى زرزور مصطفى كرمان وسألناه كيف يحمي المشفى موظفيه والمراجعين فيه من القصف فقال:
(لقد وضعنا خطة لتدعيم وتدشيم المشفى بشكل كامل، مع إخلاء الطوابق العليا منه، ونعمل حالياً على إيجاد أماكن آمنة للأطباء ضمن حماية معينة، وسيكون جناح المرضى أيضاً محميا بشكل كامل.
ولقد تواصلنا مع كثير من المؤسسات التي يوجد عندها خبرة في التدعيم والتدشيم، ونحاول إيجاد أفضل طريقة في التدشيم لهذا البناء، بحيث يخفف من أي قصف قريب من المشفى.
وباعتبار دعم مشفى زرزور من قبل الرابطة الطبية للمغتربين السوريين (سيما) قمنا برفع المشروع لهم وننتظر تأمن الميزانية الكافية لهذا المشروع المهم).
ونظراً إلى أهمية التدشيم والتدعيم التقت صحيفة حبر مع عامر حداد المدير الإداري في مشفى شوقي هلال، وهو صاحب فكرة التدشيم بأكياس الرمل ومنفذ عدة مشاريع في المدينة: (جاءت فكرة التدعيم والتدشيم من خلال العمل في الجبهات، فعندما يريد المقاتل أن يحتمي من القصف فإنه سيختار المكان المدعم والمدشم بشكل جيد، وعندما نريد الحفاظ على أي مقر عسكري مهم نعمل على تدعيمه وتدشيمه.
أما بالنسبة إلى تدعيم وتدشيم الأبنية المهمة مثل المشافي، فقد كانت الفكرة مبنية على أساس هندسي عسكري، كدراسة قوة تحمل البناء من أي انفجار خارجي محتمل، وقد كان للتدشيم والتدعيم الدور الكبير في عدم انهيار المشفى الذي عملتُ على تدشيمه بعد استهدافه بصاروخ فراغي، وقد خرَّب الصاروخ 40% وقد استخدمنا في تدشيم هذا المشفى عشر سيارات نحاتة و 14000 ألف كيس رمل، وقمنا بربطها مع بعض بطريقة وضع نصف الكيس المليء على نصف الكيس الفارغ، وقد دشمنا من الطابق الأرضي حتى الطابق الثاني بطريقة بناء جدار ثاني من أكياس الرمل أمام الجدار الأساسي للبناء، وقد استغرق بناء هذا المشروع أربعة أشهر.
وتقدر التكلفة لمثل هذا المشروع 80000 دولار تقريباً إذا كان طول البناء عشرين متر بارتفاع عشرين متر).
في ظلِّ هذه الظروف التي يستمر فيها القصف الهمجي من طائرات النظام والطائرات الروسية على المباني الحيوية، يجب على جميع المؤسسات والجمعيات اختيار البناء القوي المناسب لها، ثمَّ الأخذ بهذه الأسباب لحماية أرواح العاملين فيها، ثمَّ حماية أرواح المراجعين، وللتخفيف من الخسائر المادية، ويجب على جميع الفصائل العسكرية العمل على تأمين بعض هذه الأبنية لهذه المؤسسات الحيوية المهمة.