حكايات مؤلمة جداً ومليئة بالظلم والاضطهاد، … الضرب والإهانة في الطريق لمواجهة الموت الذي هربوا منه
تمّ نقل محمد برفقة أصدقائه السبعة إلى مركز الشرطة في منطقة “أسنلر”، حيث باتوا ليلة هناك، وكانت تعامل عناصر الشرطة سيئاً جداً معهم، حيث أضاف في هذا الصدد قائلاً: “تعرّضنا للضرب والإهانة والشتائم من قبل عناصر الشرطة، وبعد ذلك قاموا بنقلنا إلى مطار صبيحة ونحن مكبلي اليدين بواسطة حزم بلاستيكية، حيث كانت هنالك حافلات تنتظرنا كي تتوجه بنا إلى إدلب، وقبل صعودنا هذه الحافلات، أخذوا كل شيء نملكه، هواتفنا المحمولة، وحتى أنهم طلبوا منا خلع أحزمة البناطيل وأربطة الأحذية، وبلغ عدد اللاجئين المرّحلين في هذه الحافلة حوالي 32 شخصاً، كما كان هنالك 6 عناصر من الشرطة التركية، يقومون بضربنا وشتمنا طوال رحلة نقلنا إلى إدلب، لا أعلم ماذا فعلنا حتى تتم معاملتنا بهذه الطريقة.”
العديد من شهود العيان الذين التقتهم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قالوا بأنّ جيرانهم الأتراك كانوا يقومون بالإبلاغ على المنازل التي يقطنها لاجئون سوريون، في عدّة مناطق من مدينة إسطنبول، حيث كان عناصر الشرطة التركية يعمدون إلى دخول هذه المنازل إمّا في منتصف الليل أو عند الفجر، كما حدث تماماً مع “عمر.خ” 18 عاماً وأصدقاؤه السبعة في منطقة “أسنلر” والذين يقيمون في أحد المساكن المخصصة للشبان في المنطقة، حيث روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً: “في حوالي الساعة (2:30) ليلاً من يوم 18 تموز/يوليو 2019، وبينما كنت أتجهّز للنوم من أجل الاستيقاظ والذهاب إلى عملي في أحد معامل الخياطة، تمّ طرق باب المنزل بقوة، فشعرت بخوف كبير برفقة بقية الشبان، فقررنا في البداية عدم فتح باب المنزل، لكن عندما سمعنا صوتاً بدأ يهددنا بخلع الباب، قمنا بفتحه على الفور، وإذ بعدد من عناصر الشرطة التركية، يدخلون وقد كانت علامات الانزعاج والغضب بادية على وجوههم، فسألونا عن بطاقة الحماية المؤقتة، وباعتبار أنني لا أملكها قاموا بتوقيفي كما قاموا بتوقيف سبعة من أصدقائي في السكن، بسبب عدم امتلاك بعضهم للكملك، وامتلاك البعض الآخر كملك مسجّلة في ولاية أخرى، كما أنّ أحدهم كان يملك كملك مسجلة في إسطنبول تحمل الرقم 98، لكنهم قاموا بتوقيفه معنا أيضاً نظراً لأنه لم يحدّث بياناته.”
“في صبيحة يوم 17 تموز/يوليو 2019، وبينما كنت متوجهاً مع صديقً لي إلى العمل في أحد المعامل بمنطقة أسنيورت، أوقفنا مجموعة من عناصر الشرطة الذي كانوا يرتدون الزيّ المدني في ساحة المنطقة، وطلبوا منا إبراز بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، لكن وباعتبار أنني لا أملك البطاقة إضافة إلى صديقي الذي يحمل بطاقة حماية مؤقتة مسجّلة بولاية أخرى، لم يتح لنا العناصر الفرصة للنقاش معهم، وتمّ اقتيادنا إلى أحد الحافلات، حيث قرأنا عبارات مكتوبة على الباص تدل على أنها “شرطة اليابانجي/الأجانب”، وماهي إلا فترة قصيرة حتى غصّ الباص باللاجئين السوريين، ووصل عددهم حتى 20 شخصاً، حيث لم تميز عناصر الشرطة ما بين شبان أو كبار في السنّ، فقد شاهدت بأمّ عيني كيف قاموا بتوقيف رجل في الخمسين من عمره كان يسير برفقة زوجته، نظراً لامتلاكه بطاقة حماية مؤقته ومسجّلة بولاية أخرى، فحتى هذا الرجل لم يرحموه، أخذوه وفرقوه عن زوجته.”
“كان قد مضى على عملي في إحدى ورش الخياطة في منطقة زيتون بورنو عدّة أعوام، وكان ذلك بمثابة مصدر رزقي الوحيد وخاصةً نتيجة سوء ظروف العمل والاستغلال الذي يتعرض له السوريون من قبل أرباب العمل الأتراك هنا، فرضيت بما عندي وقررت الزواج بامرأة أحبها وبدأنا نحلم بمستقبل آمن، ولمّا بدأت هذه الحملة، شعرنا كعمال سوريين بخوف كبير من أن يتم إيقافنا عن عملنا باعتبار أننا لا نملك إذناً للعمل، وخاصةّ عندما بدأت الأخبار تتوارد من مناطق أخرى، بأنّ عناصر الشرطة يقومون بمداهمة المعامل وتوقيف وترحيل كل العمال السوريين المخالفين، وعلى الرغم من كل ذلك الرعب، كنا نتوجه يومياً إلى عملنا، حتى لا ينقطع مصدر رزقنا، وكان ربّ عملنا التركي يطمئننا من خلال قوله بأنّ الأمر لن يكلف سوى كأساً من الشاي ومئة ليرة تركية كرشوة، للعناصر حتى يتركوننا وشأننا، لكنّ وبتاريخ 17 تموز/يوليو 2019، وبينما كنت متواجداً في المعمل، دخل عناصر تابعين للشرطة والبلدية إلى ورشتنا، وفي حين أنّ هنالك شباناً تمكنوا من الفرار، لم يحالفني الحظ في ذلك، وقام العناصر بتوقيفي برفقة 6 من زملائي في العمل، بعضهم يمتلكون بطاقة حماية مؤقتة مسجّلة في ولاية أخرى، وبعضهم لا يملكها مطلقاً، حيث تمّ سوقنا إلى إحدى الحافلات للتوجه بنا إلى مركز الشرطة في منطقة زيتون بورنو”.
“اضطرتنا ظروف الحرب للخروج من سوريا منذ عدّة أعوام، فزوجي كان قد توفي في سجون الأجهزة الأمنية السورية، أما ابني سامر فقد كان هو الآخر قد تعرّض للاعتقال من قبل هذه الاجهزة لفترة قصيرة لكنه خرج وهو يعاني عقد نفسية نتيجة الضرب والترهيب الذي كان يتعرّض له، وحنيها قررنا التوجه إلى تركيا، وقد كان ابني الأكبر “سامر” هو المعيل لي ولأخيه الصغير “محمد”، وقد حاولت إقناعه الحصول على الكملك في العديد من المرات، لكن ساعات العمل الطويلة وخوفه من عناصر الشرطة منعه من ذلك، ولمّا بدأت هذه الحملة اقترحت على ابني أن يمكث لدى صديقة لي في إحدى المناطق الراقية في المدينة، ريثما تهدأ الأوضاع قليلاً، وخاصةَ أنني شعرت بخوف كبير من أن يتم ترحيله وأخسره مرة أخرى كابن وكمعيل لي، وفي مساء يوم 17 تموز/يوليو 2019، وبينما كنا متوجهين بواسطة الحافلة إلى منزل صديقتي، صادفتنا أحد نقاط التفتيش بالقرب من مجمع مول أوف إسطنبول، حيث طلبوا من ثلاث شبان سوريين، الترّجل من الحافلة، لأنهم لا يملكون بطاقة الحماية المؤقتة، وللأسف فقد تمّ توقيف ابني سامر معهم، وتمّ إجباره على صعود حافلة أخرى، رغم كل محاولاتي لمنعهم، وبكائي الذي لم يتوقف.”
تمّت إعادة “سامر” إلى محافظة إدلب بحسب والدته، بعد رحلة شاقّة إلى هناك، استغرقت ساعات طويلة، حيث روى لها ابنها بأنه كان قد تعرّض للضرب المبرح من قبل عناصر الشرطة التركية حتى يرضخ للتوقيع على وثائق العودة الطواعية، ومازالت “رغدة” تأمل حتى اليوم أن تنجح في العثور على أي طريقة قد تضمن عودة ابنها ومعيلها الوحيد إلى المنزل.
“رحاب.م” 35 عاماً من مدينة حلب، كان تسير برفقة ابنها البالغ من العمر عامين ونصف العام في منطقة الفاتح، قبيل أن يتمّ توقيفها من قبل عناصر الشرطة التركية، لأنها لا تحمل بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، وذلك بتاريخ 19 تموز/يوليو 2019، حيث روت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلة: “قدمت إلى إسطنبول منذ حوالي العامين تقريباً، بعدما حصلت على الطلاق من زوجي، وبذلت الغالي والرخيص من أجل النجاة من جحيم الحرب الملتهبة في بلادي برفقة طفلي، وعندما وصلت إلى هنا لم أنجح في العثور على أي فرصة عمل، فقام أحد الأشخاص بمساعدتي لاستئجار غرفة تحت الأرض، وعملت عندها في مهنة جمع البلاستيك من الشوارع، حتى أتمكن من إعالة ابني ودفع إيجاري، لكنّ الشرطة التركية قبضوا عليّ في صبيحة ذلك اليوم، ولم يسمحوا لي بمتابعة حياتي، حيث تمّ أخذي برفقة طفلي إلى مخفر المنطقة، وتمّ توقيعي على ورقة العودة الطواعية نتيجة الترهيب، حيث كان عناصر الشرطة يتقّصدون ضرب الشبان أمامي في المخفر حتى أشعر بالخوف، وكنت أعتقد أنني المرأة الوحيدة التي قد تمّ إبعادها برفقة طفلها لكنّني تفاجأت عندما شاهدت حوالي 18 امرأة وأطفالهنّ كنّ قد رُحلنّ برفقتي إلى محافظة إدلب.”
قصص كثيرة تقرأونها أيضاً في هذا الرابط لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة هنـــــــــــــــــــــا