عبد الحميد حاج محمد |
المئات من الهكتارات المزروعة بأشجار الزيتون سيطرت عليها ميلشيا الأسد في مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي، إلا أنه ماتزال هناك أراضٍ ضمن سيطرة فصائل الثوار تعدُّ في مناطق خطرة تحتوي الآلاف من أشجار الزيتون، إذ إنها محاذية لخط الاشتباك مع قوات الأسد، إلا أن الأهالي يغامرون بأرواحهم من أجل قطاف الموسم والحصول على الزيتون.
خطط وأساليب يتبعها الأهالي للحصول على مواسمهم
الآلاف من الأشجار تقع على مقربة كبيرة من خطوط الاشتباك مع قوات الأسد، بقيت محملة بزيتونها لعدم تمكن الأهالي من الوصول إليها كونها مكشوفة على قوات الأسد.
في حين ثمة أراضٍ قريبة من مناطق سيطرة الأسد، إلا أن الأهالي يستطيعون الوصول إليها وجني موسمها مع خطورة على حياتهم، لكن بادر الكثير منهم لتضمين أراضيهم لسماسرة وتجار، وهم بدورهم يقومون بجني موسم الزيتون.
(محمد) أحد أهالي بلدة (داديخ) بريف سراقب يملك أرض زيتون على الأطراف الشمالية للبلدة، يخبرنا بأن أرضه الزراعية يتمكن من الوصول إليها كونها في منطقة غير مكشوفة على قوات الأسد، وأن أشجارها محملة بثمار الزيتون هذا العام.
(محمد) ضمَّن أرضه إلى أحد الأشخاص في ريف إدلب بنسبة 40٪ أي 60 لمحمد و40 ٪ للضمَّان، كون المنطقة آمنة وخالية من الألغام، وغير مكشوفة على قوات الأسد.
وبحسب (محمد) فإنه ضمَّنها نظرًا لمكان إقامته وعائلته في مدينة (الراعي) شرق حلب، ولم يتمكن من المجيء إلى ريف إدلب وقطافها، وجد أن تضمينها حلًا أفضل وأنسب له.
ليس (محمد) هو الوحيد الذي ضمَّن أرضه، بل المئات من أمثاله قاموا بذلك، وتختلف نسبة الضمان من منطقة لأخرى ومن أرض لأخرى، بحسب اختلاف موقعها وقربها وبعدها من قوات الأسد.
(عبدو) أحد الذين يعملون في ضمان الأراضي القريبة من قوات الأسد في منطقة ريف سراقب الغربي، يخبرنا أن نسب الضمان تختلف من موقع لآخر، حيث ضمن بعض الأراضي بنسبة 10٪ لصاحب الأرض والباقي له، فتلك المناطق تقع على مقربة من مواقع قوات الأسد، وأيضًا من الممكن أن تحتوي على ألغام، وتصل النسب إلى حدّ 60٪ لصاحب الأرض و40 للضمَّان.
وبحسب (عبدو)، فإن المناطق تلك يكون الدخول إليها مغامرة ومقامرة في الوقت نفسه، فأغلبها تكون مكشوفة على قوات الأسد، ومن الممكن أن يوجد فيها ألغام قد تنفجر بأي لحظة.
ويدخل الضمَّانة إلى الأراضي مستخدمين الدراجات النارية، ويعملون على نقل حبوب الزيتون عبر الدراجات إلى المناطق الآمنة غير المكشوفة، وقد يتعرضون أحيانًا لاستهداف من قبل قوات الأسد عند كشف مواقعهم، وفق (عبدو).
بيع الزيتون ثمارًا
في حين عمد بعض الأهالي في القرى والبلدات القريبة من سيطرة الأسد على قطاف موسم الزيتون بشكل باكر هذا العام، نظرًا للأوضاع والتصعيد العسكري الذي تشهده جبهات إدلب.
ويعمد هؤلاء الأهالي إلى بيع الزيتون على شكل ثمار قبل عصيره واستخراج الزيت منه، كونه مايزال في مرحلة غير جيدة من القطاف قبل هطول الأمطار عليه، ما يعني أن نسبة الزيت فيه قليلة، إذ يرى الأهالي أن بيعه ثمارًا هو حلّ أفضل وأربح، حيث يبيعون الكيلو الواحد بسعر يقارب 4 ليرات تركية.
ويخبرنا (أحمد اليوسف) مالك أحد المعاصر بريف إدلب، أن “غالبية الأهالي في منطقة جنوب إدلب عمدوا إلى قطاف الزيتون بشكل مبكر هذا العام، ما أدى إلى تراجع في منسوب الزيت بشكل ملحوظ عن العام الماضي، بسبب عدم هطول الأمطار.”
وأما عن الزيت فبحسب (اليوسف)، فإن “احتياجات المناطق المحررة من الزيت هذا العام كبيرة، وذلك بعد احتلال مساحات واسعة من أشجار الزيتون، إلا أنه مايزال هناك بعض التجار الذين يشترون الزيت وتخزينه لتصديره إلى تركيا.”
وقد أغلق المعبر تصدير الزيوت في الأيام القليلة الماضية، ما أدى إلى تراجع أسعار الزيت إلى دولارين بكل تنكة زيت (16) كغ، حيث كانت تباع بين 30 دولارًا إلى 33 دولارًا، أما بعد إغلاق المعبر فأصبحت بـ 29 دولارًا أمريكيًا، أي ما يقارب 245 ليرة تركية لأفضل نوعية زيت.
يُذكر أن موسم الزيتون مايزال في بداياته في محافظة إدلب، وماتزال أسعاره غير مستقرة، ويُعدُّ زيت جبل الزاوية وجنوب إدلب من أفضل أنواع الزيوت في سورية، حيث يتميز بجودة عالية تسمح بتخزينه لعدة أعوام دون تأثره.