بقلم: عدي الحلبي
لم يعد التطوع موضوعاً ذاتياً يرتبط بإرادة الشخص وإقباله على العمل التطوعي بقدر ما هو حاجة اجتماعية تحتاج إلى الرعاية والاهتمام، ولعلَّ ثقافة التطوع تعدُّ اليوم ثقافة مغيبة إلى حد ما في مجتمعنا السوري رغم أهميتها لاسيما في ظلِّ الثورة التي تُوجبُ على كلٍ منَّا أن يقف إلى جانب وطنه انطلاقاً من مفهوم المواطنة والانتماء إلى الوطن.
فالتطوع كما نعلم هو القيام بعمل دون انتظار أجر مادي، فقيمة الإنسان ليست مادية، بل قيمة ثقافية واجتماعية وإنسانية، وفي ذلك يقول المدرس المتطوع محمد رحال: “عملت كمدرسٍ متطوع مدة سنة كاملة، اكتسبت من خلالها خبرة كبيرة في قطاع التعليم، وأدركت أهمية التعليم الكبرى وهدفه الأسمى المتمثل بقيمته الأخلاقية والتربوية.”
فالعمل التطوعي هو عمل حرٌّ، ينطلق من إرادة الإنسان الخاصة دون تأثير خارجي، ويبدو أنَّ الأحداث الأخيرة كان لها الدور الأكبر في نشر ثقافة التطوع بسبب قلة العاملين في مجالات التعليم والصحة وغياب الدعم المادي، ليُفتح باب التطوع و يخوض الشباب تجربتهم فيه، ويقدموا جهدهم ووقتهم في سبيل تنمية الوطن دون النظر إلى أي قيمة مادية، غايتهم الوحيدة هي النهوض بفئات المجتمع، ففي المجال الصحي تقول ريم وهي متطوعة : “إنَّ التطوع كان له دور كبير في اكتسابي الخبرة الطبية من خلال حملات التلقيح والتوعية التي قمت بها، وقد كانت تجربة متميزة ساهمت في زيادة الثقة بالنفس والقدرة على العمل داخل فريق متعاون.”
ولا ينحصر دور التطوع في تنمية المجتمع فحسب، فإلى جانب تطوير الكوادر البشرية وتحقيق التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع؛ يساهم التطوع في بناء شخصية المتطوع وزيادة ثقته بنفسه، بالإضافة إلى الأجر العظيم الذي يناله من الله تعالى، كما أنَّ التطوع يسخر طاقات الشباب لخدمة الوطن وبنائه وتحقيق التنمية والاكتفاء الذاتي على كافة الأصعدة، فعلى صعيد الإغاثة يبرز خالد متطوعاً مع جمعية شباب ساعد مبيناً آثار التطوع في أنَّها ساهمت في بناء شخصيته واصفاً تجربته بالرائعة لما لها من أهداف سامية وعظيمة.
وللتوسع أكثر في فكرة التطوع التقينا الأستاذ “محمد أحمد” وهو مدير فريق تطوعي في جمعية شباب ساعد، وألقينا عليه بعض الأسئلة للاستفادة من تجربته.
ما مفهوم التطوع بالنسبة إلى جمعية شباب ساعد؟
التطوع بالنسبة إلى جمعية شباب ساعد هو العمل على زرع روح المبادرة في الشباب، وتفعيل دورهم في المجتمع.
متى بدأت تجربة التطوع لدى جمعية شباب ساعد؟
الأصل في جمعية شباب ساعد هو تفعيل دور الشباب في المجتمع عن طريق الحملات ومبادرات، فهذا الجانب جوهري عندنا في الجمعية، وكانت أكبر الحملات التطوعية التي قمنا فيها مع المتطوعين هي حملة (رمضان عطاء وصمود) في العام الماضي.
كيف نستطيع برأيكم النهوض بفكرة التطوع في المجتمع؟
يوجد آليات يجب اتباعها، كتأهيل الكوادر القادرة على التعامل مع المتطوع، وإيحاد أدوات لجذب المتطوع وتفعيل دوره.
ما أهم الصعوبات التي واجهتها كمدير فريق تطوعي؟
أهم الصعوبات هي كيفية التعامل مع المتطوعين لاسيما المراهقين منهم، وهنا يجب علينا أن نسعى إلى استيعاب هذه المرحلة، وكذلك المشاكل التي قد تنتج عن اجتماع المتطوعين مع بعضهم.
ما هي آثار التطوع التي لمستموها على المتطوعين؟
حققنا الهدف من فكرة التطوع، وهو زرع روح المبادرة في المتطوعين، وقد اكتسب المتطوعون خبرة جيدة من خلال تنوع المشاريع التي قاموا بها، وكل ذلك ساعد في بناء شخصيتهم المستقلة.
انطلاقاً ممَّا سبق نجد أنَّ للتطوع أهمية كبرى في المجتمع، فلابدَّ من وجود مؤسسات تهتم بهذا الموضوع وتزيد من دور الشباب، وتنظم عملهم وتسعى إلى بناء المجتمع انطلاقاً من بناء الفرد.