تحقيق : دارين أرمنازي.أتى الإسلام إلى مجتمع جاهلي، كان فيه الزواج والعلاقات الجنسية لها أشكالًا متعدد، منها ذَكرٌ لعدة إناث، وأنثى لعدة ذكور نتج عنها تفشي الأمراض وانتشار الرزيلة في المجتمع ما أدى إلى ضياع الأنساب، فجاء الإسلام وهذَّب هذا الزواج ونظَّمه فقال: U)فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا(النساء (3) .لكن لماذا يميل معظم الرجال إلى التعدد، وما هي أسبابه النفسية؟أجاب عن هذا السؤال الدكتور لطفي الشربيني الاستشاري في الطب النفسي قائلا: “يميل معظم الرجال إلى فكرة التعدد غريزياً، وقد أشارت دراسة علمية حديثة إلى وجود جينات تدفع الرجال إلى ممارسة التعدد بصورة فطرية، لذلك كان التعدد موجودًا في معظم الحضارات الإنسانية وجميع الديانات السماوية”لقد حارب الغرب فكرة التعدد، ووضع القوانين الجديدة لتجريم التعدد حتَّى وصلت عقوبته إلى الحبس والغرامة المالية، وحاربه أيضاً في بلاد المسلمين، فالإسلام بعظمته متَّهم بأنَّه أهان المرأة وحطَّ من كرامتها بتقنية التعدد، وأظهر الإعلام الغربي الرجل الذي يؤيد التعدد على أنَّه حيوان جنسي، كلُّ هَمّه الجنس واللذة، ولم يَسلم من تلك التهمة أحد .ولقد نجح الإعلام العربي من خلال المسلسلات والأفلام و البرامج في إظهار التعدد بصورة بشعة بإعطاء الزوجة الثانية دور راقصة تعمل في الملاهي الليلية، والأمثلة حول ذلك كثيرة، وكان مضمونها موجها دائما إلى المجتمعات العربية المسلمة، فأثَّرت سلباً عليها، وخصوصاً على النساء، حتى وصلت نسبة النساء المصريات اللائي يرفضن التعدد على سبيل المثال إلى 95% في الوقت الذي كان فيه13 مليون عانس من الفتيات والشباب الذين تجاوزت أعمارهم 35 سنة منهم 2.5 مليون شاب و10.5 مليون فتاة، وكانت نسبة العنوسة في لبنان هي الأعلى في الوطن العربي حتى وصلت فيه إلى 86%وفي العراق وسورية أيضاً ازدادت نسبة العنوسة حتى وصلت إلى 70% بسبب الحرب الموجودة في البلدين، وموت نسبة كبيرة من الرجال، ولأسباب أخرى كغلاء المهور والرغبة في الدراسة وظهور الفتن، الأمر الذي أدَّى إلى كثرة العنوسة والزنا في الوطن العربي وخاصة في تونس ذلك البلد العربي المسلم الذي مُنع فيه التعدد قانوناً، و سُمح فيه بالبغاء العلني بقرار من وزير الداخلية في 30 ابريل 1942 تحت مسمى تشجيع السياحة الجنسية، فكثر فيه الزنا حتى وصل إلى الجامعات، وأصبح من السهل جداً إقامة العلاقات الجنسية، وقد أشارت المنظمة الوطنية لصحة الأسرة إلى أنَّ 60% من الأزواج في تونس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة لهم علاقة خارج إطار الزواج، و ذكرت ذات البيانات الإحصائية أنَّ 80% من الشبَّان و68% من الفتيات يمارسون الجنس دون زواج، وقد كانت نسبة من يعملنَ في مهنة البغاء من الأرامل هي الأعلى بنسبة70% و30% من الفتيات الأخريات، في حين أنَّه (لا توجد متزوجات يعملنَ في مهنة البغاء)، وعندما أخطأ الغرب أيضا في محاربة التعدُّد كثرت العلاقات خارج إطار الزوجية، وكانت النتيجة أن أصبحت نسبة الأطفال المولودين خارج إطار الزوجية 50% في بريطانيا، و نسبة الزيجات الشرعية واحد من كل عشر زيجات غير شرعية، فهل نجحت فكرة محاربة التعدد نزولاً عند رغبة النساء والحكومات الغربية وبعض العربية؟!لماذا ترفض معظم النساء فكرة التعدد الشرعي، وفي الوقت نفسه ترضى بعض النساء بفكرة إقامة علاقات غير شرعية خارج الإطار الزوجي؟!إنَّ المرأة المسلمة تنظر إلى التعدد من منظار جاهلي تطغى فيه الأنانية وتقدَّم فيه المصلحة الشخصية على المصلحة العامة للمسلمين.وبعد كل هذه الآراء والتجارب الواضحة التي أشرنا فيها إلى الفساد الناتج عن محاربة التعدد ومساوئه على المجتمعات خاصة المسلمة منها، ورأينا التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي فيها، وجب علينا ألَّا نقع في الأخطاء نفسها ونكررها، وألَّا نغفل أو نتجاوز حاجة بعض النساء اللائي ينظرن إلى التعدد باستحسان لاسيَّما الأرامل والمطلقات منهن، فالتعدد بالنسبة إليهنَّ منح فرصة أخرى ليبدأن حياة جديدة تتوفر فيها كل الأشياء التي فقدت سابقاً.فالحل الوحيد الفعَّال هو ذلك الذي وصفه خالق البشر للبشر وهو أدرى بخلقه قال تعالى : )أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ( الملك(14) ، يجب على وسائل الإعلام الإسلامية والعربية تصحيح مفهوم التعدد من الناحية الشرعية، ومخاطبة المرأة والرجل معاً، وتوجيه المجتمع إلى قبول التعدد باعتباره ضرورة ملحة خاصة في وقتنا الراهن، والحض على الزواج ليعود المجتمع المسلم سليماً معافًا كما كان سابقاً.