بقلم: عدي الحلبي
لمهنة التعليم أهمية ودور في بناء الوطن وصناعة المستقبل لاسيَّما في هذه الفترة الصعبة من تاريخ سوريا وسط الضغط العسكري الذي امتد تأثيره إلى كافة جوانب الحياة.
فنحن الآن في مرحلة بناء وتأسيس ترتكز على إعداد الإنسان بعيدا عمَّا غُذي به من أفكار وتقاليد خلال سنوات الحكم الديكتاتوري السابق البعيد عن الطبيعة البشرية التي تسعى إلى الحرية وتنمية العقل وبناء الإنسان عاطفياً.
وفي هذا السياق تعدُّ المراحل الأولى من تعليم الإنسان قاعدة أساسية تبنى عليها مبادئه ومعتقداته وطريقة تفكيره ومنهجه الذي يتخذه في الحياة، متأثراً بشخصية مدرِّسه الذي يعدُّ القدوة الأولى لأي طفل.
وهنا يبرز دور المعلم في بناء هذا الطفل، فعقله كالورقة البيضاء التي بحاجة إلى من يكتب عليها أكثر القيم انسجاماً مع الطبيعة الإنسانية والعقيدة الإسلامية التي تساهم في تنمية الأخلاق.
فالمعلم إذاً: هو ذلك الإنسان الذي يتمتع بالخبرة والمعلومات، والذي سينقلها بدوره إلى تلاميذه بأسلوبه وطريقته التي يتميز بها انطلاقاً من خبرته ومعرفته الحياتية.
وبعد خمس سنوات من الاستنزاف الحاصل في الطاقات والكوادر والبشرية، لا بدَّ لنا أن نلاحظ غياب الكوادر المؤهلة في قطاعات التعليم لا سيَّما في المرحلة الابتدائية والتي تعدُّ أهم مراحل التعليم.
فالتعليم بعد أن كان أكثر المهن صعوبة ودقة، أصبح اليوم عمل من ليس لديه عمل، فقد أصبح من الطبيعي في هذا الوقت الذي نعيشه أن نجد مدرساً لا يحمل شهادة ولو حتى ثانوية، أو أن نجد المادة العلمية تدرَّس من قبل غير المختصين بها مع غياب الرقابة المعنية بهذا الأمر رغم خطورة ذلك على الحاضر وامتداد تأثيره إلى أجيال قادمة.
ويميل الكثيرون من المختصين بأمور التربية إلى اعتبار الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع المأساوي تتلخص في هجرة عدد كبير من المعلمين خارج الوطن، إمَّا لتوفر عمل أفضل خارج سوريا أو لإكمال دراستهم والوصول إلى درجات أرقى.
وإنَّ اختيار المعلم حسب اسمه ونسبه لا على أساس خبرته العلمية ساهم سلباً في انتشار هذه الظاهرة، بالإضافة إلى ابتعاد عدد كبير من مدرسي الداخل والتحاقهم بالمنظمات التي تعمل في المناطق المحررة بسبب ارتفاع المرتبات الشهرية، ولضعف رواتب قطاع التعليم أو لعدم توفر رواتب بسبب غياب الدعم القادر على تحمل تكاليف العملية التعليمية.
وإنَّ غياب الجامعات في السنوات الماضية كان له دور أيضا في تفاقم هذه المشكلة، لذلك يعول الكثيرون على الجامعات والمعاهد التي تمَّ افتتاحها مؤخرا في الداخل السوري، لبناء مؤسسات تعليمية تتميز بالخبرة وتنهض بقطاع التعليم والعاملين فيه معنوياً وماديا، والعمل لوضع أمانة التعليم بين أيدي المختصين وذوي الخبرة…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خواطر معلم أ. أنس عزت
جرّبتُ أنْ أخصّص في نهاية كل درس طالبتين، إحداهما معيدة للدرس تذكر نِقاطَه الرئيسةَ التي بنيتُ درسي عليها، والأخرى مفيدة له وظيفتها أن تلتقط الفوائد التي ذكرتُها أثناءه، فرأيتُ في ذلك أثَرًا عظيمًا في نفوس الطالبات وتشجيعهن على التركيز، وتعويدهن على المسؤولية والمساهمة في إنتاج المعلومة وتقديمها. فرحم الله أسلافنا العظماء – رحمة واسعة – فقد كان من ضمن نظامهم التعليمي اعتمادُ معيد للدرس ومفيد له.
وقد تكلم الإمام التاج السبكي – رحمه الله وأعلى مقامه- في كتابه النافع “معيد النِّعَم ومبيد النِّقم” على الواجبات التي يجب أن ينهض بها معيد الدرس ومفيده. قليُنظَرْ ثَمّة.