رغم التصدعات التي كنا نعيشها بالتعليم في سورية، إلا أنه بظروف الحرب زادت نسبة الأمية بين الأطفال ممَّن يجب أن يدخلوا المدرسة وممَّن توقفوا عن استكمال تعليمهم، وذلك لأسباب عديدة منها خوف الأهالي من القصف والفقر والنزوح وغيرها.
لكن رغم كل ذلك يحاول الأهالي تعليم أطفالهم مع وجود ما يؤرقهم بداية هذا العام الدراسي الجديد، كصعوبة شراء المستلزمات المدرسية لأبنائهم وإمكانية تهيئتهم ليتمكنوا من التحكم بانضباطهم ويتفاعلوا من جديد مع دروسهم. هذا بالنسبة إلى الأهل، أما المدرسة يقع على عاتقها مجموعة واجبات بدءًا من تجهيز كادر تدريسي يلبي حاجة جميع المراحل التدريسية في المدرسة وليس انتهاءً بتسجيل الطلاب وما على ذلك من مسؤوليات.
التقت صحيفة حبــــر بالأستاذ (مصطفى محمد مناع) مدير مؤسسة الصديق التعليمية الخاصة في مدينة إدلب التي تقدم التعليم من الروضة حتى الصف الثامن الإعدادي، وممثل لجنة حماية الطفل، الذي حدثنا عن تحضيراته للعام الجديد بقوله:
“بدأت تحضيراتنا من الشهر الخامس في الصيف؛ جهزنا لقبول أعداد محددة من الطلاب لتجنب الضغط خصوصًا بوجود كم هائل من العائلات من خارج مدينة إدلب؛ وأيضا انتقاء كادر تدريسي مناسب، فقمنا بنشر إعلان عن حاجتنا لمدرسين بكافة المجالات؛ وبعد التقديم حاولنا انتقاء معلمات للمراحل الأولى لأن الأنثى بإمكانها التعامل مع الطفل أكثر، وعلى أساسه اخترنا عددًا من المعلمات بعد تقديمهن للأوراق الثبوتية المناسبة ذوات الخبرة بما يقارب الثلاث سنوات بمجال العمل والاختصاص المناسب.”
وأشار إلى تقدم نحو (73) معلمة اختير منهنَّ (33) معلمة خضعنَ لامتحان مقابلة أمام مختصين بكافة المواد (لغة عربية، وإنكليزية ورياضيات) تمَّ قبول (22) معلمة ليصبحنَ ضمن الكادر التدريسي في مؤسسة الصديق.
تستقبل مؤسسة الصديق جميع الطلاب بالإضافة إلى فئة أخرى لا تستقبلها أغلب المدارس، هي تلاميذ عادوا للتعليم بعد انقطاع دام عدة سنوات، فقدوا دراستهم لأسباب شتى كاحتدام الصراع في مدنهم ممَّا أجبرهم على الفرار إلى مدن أكثر أمنا وهدوءًا؛ أو تحول مدارسهم إلى ملجأ للعائلات الهاربة من جحيم الحرب؛ وربما مشفى للمصابين أو حتى تحول مدارسهم إلى ركام من القصف.
ذكر مصطفى مناع بعض العقبات التي تطرأ قائلاً: “هناك عدة عقبات ليست بالحسبان مثل مواجهة الطلاب المتسربين أو وجود آخرين بأسماء وهمية، ونحن كوننا مؤسسة تعليمية نقبل الطفل بكل حالاته لأن هدفنا نشر العلم.”
وأشار إلى وجود عدة طلاب سجلوا من حوالي ثلاث سنوات بأسماء وهمية أتى بهم الأب ويريد تعليمهم القراءة والكتابة، كانوا يتعلمون القرآن بالجامع، وعندما طلب هويته رفض لكنه لم يرفض استقبال الأبناء لأن تعليمهم أفضل من توجههم للجبهات؛ تعلموا بالجامع علمًا سماعيًّا وحفظوا عدة أجزاء من القرآن، والآن بإمكانهم التعلم مثل زملائهم كافة المواد.
تحدثنا مع “لارين اللاذقاني” إحدى الطالبات المنقطعات عن الدراسة التي تحضر حاليًّا للتقديم على شهادة التعليم الأساسي(الصف التاسع) ، لارين تلميذة لا تعرف القراءة ولا الكتابة بالإضافة إلى مشكلة نطقها لبعض الحروف، الأستاذ مصطفى تحدث عنها قائلاً: “لارين عانت عدا ظروف الحرب مشكلات شتى اجتماعية ونفسية نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام بها كطفلة، وبسبب سوء الإدارة تركت مدرستها وانقطعت عدة سنوات عن دراستها.” وأضاف: “علمتها طلبًا من والدتها، حيث خضعت لمجموعة جلسات بدءًا من الحروف الأبجدية خطوة خطوة؛ وتحفيظها للفاتحة وتعليمها الصلاة، والقراءة من كتب الصف الأول والثاني ولاحظت تطورًا ملحوظًا بعد كل جلسة.” وأكد أن لارين تحتاج حسب تقديره إلى عام ونصف حتى تتمكن من تقديم الثالث الإعدادي.
شاهدنا مدى تفاعلها ورغبتها بالتعلم رغم جميع العقبات تتعلم.
والتقينا كذلك الطالب (أسد الإبراهيم) من الصف الرابع من مدينة دير الزور، ترك دراسته ومدينته بسبب الظروف الصعبة قال مبتسمًا: “عدت لأحقق الحلم بالتعلم، وأريد أن أدرس لأصبح طبيبًا ولن أتخلى عن حلمي”.
وماتزال المعاناة بالتعليم نابعة من الواقع الصعب، حيث تقع على عاتق مؤسساتنا التعليمية مسؤولية كبيرة لانتشال أجيالنا من بؤر الجهل والظلام لينيروا عتمة وطننا المظلم.
1 تعليق
عبد الله أحمد
ولاكن لا ننسى أن هذا العام المدارس تطلب أقساط مرتفعة مما سيحرم الكثير من الطلاب المدرسة وذالك بسبب الفقر الذي يعم معظم المحرر اللهم فرج عنا ما نحن فيه