عبد الملك قرة محمديشغل قطاع التعليم أهميّةً كبيرةً في مناطقنا المحرّرة حيث يعتبر حجر الأساس لبناء أجيالٍ متكاملة تنعم بحياتها على أكمل وجه في مجتمع تسوده المفاهيم العلميّة والقيم التربويّة والأخلاقيّة بعيداً عن الجهل وآفاته. ويسعى النظام الديكتاتوري لتدمير ذاك الأساس عن طريق الاستهداف المتكرّر للمدارس على اختلاف مراحلها وقد دُمّرت العديد من المدارس في معظم المناطق المحرّرة ولكنّ هذا القصف لم يزدِ المعلمين إلا إصراراً على التعليم واقتلاع الحرف من بين أنياب البراميل والقذائف والقصف ولو كانت دماؤهم حبراً لطلابهم يرسمون به باب الحريّة الحمراء. في ريف الساحل وفي الطبيعة الخلّابة التي لا يعكِّر صفوَها سوى ضوضاءُ الصواريخ التي لا تكاد تُسمع أحياناً نتيجة تلاشيها بين أصوات التلاميذ وهم يردّدون خلف معلمهم قصائده للحريّة والكرامة والإنسانيّة ….. هناك وفي ظروفٍ صعبة يقوم المعلّمون والإداريّون بمهامهم في تطوير الجانب التعليمي من خلال توفير الخدمات للمدارس ومحاولة رفع القدرات الماديّة والمعنويّة للمعلّم كونه قائد العمليّة التعليميّة وربَّان سفينتها. صحيفة حبر التقت مدير التربية الحرّة في الساحل الأستاذ أحمد اليمني للحديث عن الوضع التعليمي في مناطق الساحل. استهلَّ اليمني حديثه عن أهم المشاكل الإداريّة التي تواجه التعليم فقال: ” يواجه التعليم مشاكل إداريّة عديدة أولها اعتماد العمليّة التعليميّة خلال السنوات الأربع الماضية على الكادر التطوعي الذي كان معظمه غير مؤهلٍ ورغم المسابقة التي أُجريت لم نستطع تطوير عمليّة التعليم إلا بنسبة لم تتجاوز 50% والسبب الآخر هو تخلّف التربويين والمختصّين لأسباب مختلفة ربّما النزوح أو لذهابهم لمناطق النظام وكذلك العزوف عن العمل التطوعي” وعن كيفية التعامل مع المدرسين التابعين لمؤسسات النظام قال: “لا يتمُّ التعامل مع مؤسسات النظام وتمَّ إخراج المدرسين التابعين للنظام من خمس مدارس واستبدالهم بكادرٍ تعليمي حرّ ثم انشقَّ عددٌ منهم بداية العام الماضي والتحقوا بالمدارس التي تشرف عليها التربية الحرّة”.وعن الصراع الحاصل بين الثوريّة والكفاءة في اختيار المعلم وتوظيفه أكّد اليمني أن المهنيّة هي الأساس ولكن إذا ما خيّر بين الكفاءة والثوريّة للمعلم فالثوريّة هي الأَولى في وقتنا الحاضر والمهمُّ هنا هو بناء المؤسسة التربويّة الأمر الذي يجب أن يقوم على أسسٍ واعية والثوريّة المهنيّة هي الأساس في تصدُّر العمل الإداري والتشريعي. ما هي الجهود المبذولة لتحسين الوضع التعليمي في ريف الساحل؟ “إن المديرية تقوم بإعداد البنية التحتيّة وزيادة عدد الشعب الصفيّة في المخيّمات والبلدات المجاورة وكذلك كسر الحواجز المقيتة بين النازحين والأهالي كما سعت المديريّة لزيادة روح التعاون الاجتماعي بين الأهالي والنازحين وذلك بهيكلة كادر المديريّة والمدارس من جديد وفق معايير تربويّة كما أجرت مسابقات لتعيين المعلمين بعد إخضاع المتطوّعين لدورات تأهيلٍ تربوي في نهاية العام الماضي وسعت المديرية لتعديل مذكرات التفاهم مع المنظّمات الداعمة للعمليّة التربويّة بأن تكون المديريّة المرجع الإداري في التعيين وكذلك فرض العقوبات والمكافآت والتأكيد على استقلاليّة المديريّة وارتباطها بالمديريّات الأخرى وبالوزارة”. كيف يتم تأهيل المعلمين وتحسين قدراتهم في إيصال المعلومات والطرق التعليميّة الحديثة؟ “قمنا بتشكيل إدارة توجيه تربويّة تخصّصيّة تقوم بتغطية المدارس والمتابعة والإشراف على عمل المدارس وخلال كلّ يوم خميس نحدّد لمدرسي مادةٍ ما أنه سيقوم موجهٌ متخصّصٌ بنشاطٍ مدة أربع ساعاتٍ يقدم فيها درساً نموذجياً ونقاشاً وحواراً كلّ ذلك بهدف تأهيل الكوادر” ماهي طبيعة التنسيق بين المجمعات التربويّة والمنظّمات العاملة في الساحل؟ نحن لضيق خريطة المدارس نقوم بالإشراف المباشر على المدارس التابعة للمديريّة وعددها عشر مدارس من العام الماضي وتمَّ إحداث خمس مدارس جديدة وتحرير خمسٍ أخرى ليصبح العدد الكلي للمدارس عشرين مدرسةً وعدد الطلاب فيها 6114 طالباً كما أنّ التنسيق مع المنظمات متوازنٌ إلى حدٍ ما وفق مذكرات تفاهم تحقّق استقرار وتطوير العمليّة التربويّة والتعليميّة. ماهي أهم الإجراءات لجذب الطلاب للالتحاق في مؤسسات الثورة التعليميّة؟نحن لا نملك سوى التوعية بالنسبة للطلاب وكذلك تأمين مستلزماتهم المدرسيّة كالقرطاسيّة وغيرها ونقوم بتوزيعها على جميع المدارس بدعمٍ من المنظمات الإنسانيّة العاملة في الساحل. التعليم في ريف الساحل هو مرآةٌ تعكس الأوضاع التعليمية في المناطق المحرّرة بين بطش الأسد وطائراته وإصرار المعلمين على إكمال المسيرة التربوية والمساهمة في نهوض المجتمع باتخاذ القلم والعزيمة سلاحاً والعلم ومستقبل الأجيال غايةً وهدفاً منشوداً.