من أكثر المسائل التي تخطر في بالي عند مراجعة المراحل التي مرَّت بها الأزمة في سورية وما تزال، هي كثرة المسائل التي كنا نَعدُّها سابقًا مجرد صُدف حصلت لسوء إدارتها وكنا نعدُّ ذلك أمرًا طبيعيًا، لكن بعد كثيرِ تمحيصٍ وطولِ تدقيق يظهر لي أنها لم تكن صُدفًا على الإطلاق، بل هي نصوص مكتوبة أُوكِلت إلى “مرتزقة” من أبناء جلدتنا بغرض إطالة أمد الثورة تمهيدًا لإفشالها، ولعل الطائفة التالية من تلك “الصدف” توضح الحقيقة الـمُرَّة، هل صدفة أن “الثوار المزعومين” دخلوا المناطق الفقيرة في حلب والخالية من أي مراكز أمنية مهمة وتركوا غرب حلب المليء بها آمنًا؟!
هل صدفة أن أغلب المقرات الأمنية غرب حلب بقيت سليمة ولم يصبها أي أذًى يُذكر؟! هل صدفة أن الطريق الوحيد لقوات النظام إلى الشمال السوري لأكثر من 5 سنوات كان عبر طريق خناصر حيث كانت أعرض نقطة سيطرة له لا تصل إلى 4 كم ومع ذلك كله لم يتم قطعه ولا مرة واحدة من قبل “هؤلاء الثوار” بل قُطع من قِـــبَل داعش ولخلافات مادية بحتة؟!
هل صدفة أن الساحل بقي آمنًا حتى هذه اللحظة عِلمًا أن طلائع “الثوار” وصلت إلى البحر، ثم بقدرة قادر تراجعوا وسلموا تلك المناطق مع أن المناطق جبليةٌ وكان يفترض أن تستمر المعارك فيها لسنوات طويلة؟!
هل صدفة أن مطار الباسل، ولاحقًا مطار حميم، بقيا آمنين بشكل عجيب مع أن المدافع الميدانية الثقيلة قادرة على إصابتهما من مناطق سيطرة “الثوار” في جبال التركمان؟!
هل صدفة أن المدنيين في منطقة الوعر في حمص بقوا محاصرين لأكثر من سنتين، إن لم تخني الذاكرة، مع أن “الثوار” في منطقة الرستن لا يبعدون عنها إلا أقل من 3 كم ومع ذلك لم يحركوا ساكنًا؟!
هل صدفة أنه قبل تشكيل الفصائل في الغوطة كان الطريق سالكًا من درعا جنوبًا إلى حلب شمالًا، وأن أكثر من 70% من محافظة دمشق كان “مُحرَّرًا”، وبعد تشكيلها ضاع كل ذلك؟!
ولأن الصدف في شمال سورية لا تحب الانفراد فإنها تكررت، وبشكل أقبح، في دمشق التي حرَص “حُماتها” من “الثوار المزعومين” على بقاء قصور الأسد والمراكز الأمنية والمطار المدني فيها آمنة بشكل لا يُصدق، بل وأفضلَ مما لو بقي تحت سيطرة النظام نفسه؟!
هل من الصدفة أن داريا بقيت محاصرةً لسنوات مع أنها لا تبعد إلا أقل من 3 كم عن مناطق سيطرة “الثوار” في الغوطة الغربية ومع ذلك لم يفعلوا لهم شيئًا؟!
وأخيرًا، هل من الصدفة أن طريق النظام الوحيد إلى درعا منذ أكثر من 5 سنوات لا يزيد عرضه عن بضعة كيلومترات وبطول يزيد على 30 كم ومع ذلك لم يتم قطعه من قبل هؤلاء “الأبطال”!
وأخيرًا، وبعد عرض هذه الطائفة المصغرة جدًّا من الصُدف التي لا أشك أن لدى القارئ أضعافها، يبقى السؤال: هل كل ما سبق ذِكْره محض صدفة؟! ليتها بقيت كما انطلقت ..