بقلم غسان دنوالثورة لمن صدق وثبت، وليست لمن سبق وكان أول من وصرخ حرية ويسقط النظام ثم تركها بعد عام أو أكثر لأنَّها طالتْ عليه، وليست لمن انتهز الفرصة وأعطى لنفسه الرخصة ليجمع التبرعات بجلوسه في المقاهي والمنتديات واضعاً على صدره أوسمةً منتشياً بالذكريات.كثير من الأخوة الثوار كانوا من أوائل من بدؤوا المشوار هاتفين بالحرية رافضين الذل والعبودية، نظموا المظاهرات، اعتقلوا، استشهدوا، ومنهم من استمر على قيد الحياة ثابتاً على أرض الشام رغم التناحرات والنزاعات، ومنهم من هجرها وكأنَّها لم تعد تعنيه، ربَّما لأنَّ أموالها مَلأت جيوبه وباتت تغنيه.وفجأة يقفزون ليعرقلوا نشاطنا وتحركاتنا، ويثبطوا من عزيمتنا، إنَّهم ثلة ممَّن يدَّعون أنَّهم أوائل الثوار، يخاطبوننا من شاشات جوالاتهم وكمبيوتراتهم، لا تفعل هذا إنْ لم تضع اسمي معك.إن ناديت أحدهم بعفويتك قائلا له: لا بأس لنجتمع غداً ونصنع القرار سوية، يفاجئك بصرخة مدوية مفادها: حدد لي الوقت لأتواجد على النت معك فأنا مستقر في تركيا أو لبنان، أو علَّه وصل أوربا من بحر اليونان، فتصيبك جلطة قلبية ويعتريك غضب مخاطبا إياه: وما حاجتي بك إن كنت في تركيا أو غيرها؟! سأمضي بمشروعي بمن هنا على الأرض السورية، لتتفاجأ ب التهديدات والتبليغات الفيس بوكية عليك، وتُنعت بصفات تشبيحية، وتُفضح على النت الملفات الثورية، ملفات تزيد الفرقة وتشعِّب القضية، ففي عرفهم تقسيم خاص للثوار هو: ثوار 2011 أو 2012 وهم أولى الناس بالمناصب والكراسي الحكومية، لأنَّهم السابقون بالهتافات الثورية، حتى ولو كانوا مقيمين في تركيا، أما من ثار في 2103 أو بعدها فهو بعرفهم ليس ثائرا، السؤال الذي يطرح نفسه: لو مات الثوار الأوائل ولم يبقَ إلا الثوار الجدد كما يدعون فهل تموت الثورة؟! وليت الأمر منهيا بثوار الفيس بوك، فهنا على الأرض وبالساحات الجهادية نعاني أكثر من أبطال الكلاشنكوف ممَّن تمسكوا بكراسيهم خوفا من داعمٍ يقطع الجوف، فجبهاتهم باردة، وعناصرهم بلا فائدة، لا يتقدمون شبراً إلا إلى مائدة، وإذا استعادوا نقطةً ما خسروها، هللوا وكبروا وصورها انتصارات رائدة. رسالتي لكل هؤلاء من تجار الأقلام والحرب الباردة، اتقوا الله في أنفسكم وفي دمائنا وبيوتنا المهدمة وأجساد أطفال المخيمات الباردة، حتى لا تكون انتصاراتكم وصيحاتكم قصصا تروى بلا عبرة ولا فائدة.