عبدالملك قرة محمد |
جامعة لكل طالب، والمزاد موجود والمناقصة علنية في الأقساط والمنح وفي معدلات المفاضلة، فالجامعات بالعشرات تتجاذب الطالب السوري وتشتت تفكيره ويؤثر بعضها على بعض في عملية الاستقطاب.
حيث انتشر على مواقع التواصل هاشتاغ #جامعة_جديدة وسط موجة من السخرية والانتقادات مع وجود تجاوزات تعليمية واضحة وصارخة بحق الاختصاصات والمعدلات المطلوبة، 180 علامة في الشهادة الثانوية لتصبح طبيباً، و1400 دولار لتدخل الصيدلة.
أصدرت جامعة حلب التابعة للحكومة المؤقتة مفاضلتها بعلامات تشابه تقريباً ما طرحته الجامعة في العام الماضي، لكن جامعة حلب رفعت أقساطها هذا العام رغم أنها كانت الجامعة الأقل رسوماً في السنوات الماضية، ورأى البعض أن هذا الارتفاع قد يكون سبباً في ابتعاد الطلاب الفقراء عن الفروع العلمية كالطب والهندسة والصيدلية ولأن الجامعة حكومية يجب أن تكون شبه مجانية مراعاة للظروف المحيطة.
وأصدر مجلس التعليم العالي في الحكومة المؤقتة قراراً يقضي بعدِّ المفاضلة الصادرة عن بعض الجامعات دون الرجوع إلى مجلس التعليم مخالِفة لقراراته، ولا يعتمد تسجيل أي طالب بموجب هذه المفاضلة في مجلس التعليم العالي في الحكومة المؤقتة والسبب هو إصدار هذه الجامعات لمفاضلة على كليات وفروع غير موجودة أصلاً، ومخالفة الحدود الدنيا للقبول الصادرة عن مجلس التعليم العالي.
ومن هذه الجامعات (الجامعة الدولية للإنقاذ) التي فتحت باب التسجيل على كلية الطب للطالب الذي حصل على 180 درجة فقط!! لكنها ما لبثت أن رفعت المفاضلة لتتناسب مع المعدلات الصادرة عن مجلس التعليم ولتصبح درجة الطب 192 أي بمعدل 80% لكن المعدل لا يزال قليلاً جداً مقارنة بالمعدلات الصادرة عن جامعتي حلب وإدلب.
وعُدّت مفاضلة جامعة ماري مخالفة لقرارات مجلس التعليم العالي في الحكومة المؤقتة للأسباب ذاتها التي ذكرناها أعلاه بالإضافة إلى سبب الأقساط المرتفعة التي لا تتناسب مع دخل الطالب السوري في المناطق المحررة.
(محمد جمعة) أحد طلاب جامعة حلب رأى أن “تعدد الجامعات يؤثر سلباً على مسألة الاعتراف، ويدل على عدم ثقة الجامعات ببعضها، كما يشتت ذهن الطالب في اختيار الجامعة الأنسب لمستقبله، فهو لا يعلم أي الجامعات ستستمر وأيُّها ستتوقف.”
التباين الواضح في المفاضلات الجامعية سيخلق مشكلة كبرى فقد تتحول الجامعات إلى مدارس منتشرة في كل مدينة أو بلدة تجمع طلاب المنطقة الموجودة فيها فقط، كما سيتحول افتتاح الجامعات إلى قطاع تجاري يعمل به من ليس له عمل أو من تسول له نفسه باستغلال الطلاب مادياً، وبذلك يتجرد التعليم عن هدفه السامي في بناء المجتمع وإعداد النشء القوي المتماسك.
ويقول الدكتور (عماد خطاب) النائب العلمي في جامعة حلب “هذا التباين الواضح في المفاضلات بين الجامعات الحكومية (إدلب – حلب) والجامعات الخاصة له تأثير سلبي كبير على العملية التعليمية ومستوى الطلاب العلمي في الكليات المختلفة بسبب عدم مطابقة شروط الافتتاح العلمية لقوانين الترخيص المطلوبة في مجالس التعليم العالي، فضلا عن استغلال تخفيض درجات القبول ورفع الرسوم بشكل كبير يصل إلى 1500$ لفرع الصيدلة في إحدى الجامعات الخاصة!”
وأصدر مجلس التعليم العالي التابع لما تسمى حكومة الإنقاذ مفاضلة العام الحالي لجامعة إدلب مقرونة مع جامعة عامة أخرى تحت مسمى جامعة النهضة وافق المجلس على افتتاحها في مدينة الدانا التي كانت تضم معظم كليات جامعة حلب قبل اضطرار جامعة حلب للخروج إلى ريف حلب الغربي نتيجة الضغوط التي فُرضت عليها لإجبارها على الانضمام إلى مجلس التعليم التابع للإنقاذ.
جامعة النهضة هذه تضم كل الفروع وبمفاضلة أقل من مفاضلة جامعة إدلب لمعظم الاختصاصات، فما هو السبب الذي يدعو لافتتاح جامعة عامة؟ ولماذا لا تكون هذه الكليات المفتتحة في الدانا شعباً لكليات جامعة إدلب؟ لماذا هذا التشتيت؟؟ هل هو لتحسين الواقع التعليمي في منطقة الدانا ومحيطها فهي منطقة غنية بالسكان؟ أم للتقليل من الطلاب المسجلين في جامعة حلب التي تركزت مؤخراً في مدينة الأتارب القريبة من الدانا؟ هل نسير لإقامة جامعة في كل مدينة؟
يذكر أن الجامعات الخاصة التي تتبع لمجلس التعليم العالي في حكومة الإنقاذ هي: جامعة ماري_ سراقب، جامعة أكسفورد المشهورة برسومها المرتفعة، جامعة الحياة، جامعة الزهراء، الجامعة العثمانية، أكاديمية العلوم الصحية، جامعة رومة.
ولا يلتزم المجلس بالتصديق على وثائق وشهادات الجامعات التي لا تتبع له.
معهد حلب لإعداد المدرسين أيضاً أصدر مفاضلته هذا العام، ولكن ما السبب الذي يدعو لاستمراره في ظل وجود الجامعات؟
الدكتور (رامز كورج) مدير معهد حلب يجيب: ” المعاهد تستمر بوجود الجامعات للحاجة الماسة إليها، فالمدارس بحاجة إلى مدرسين والإقبال على الجامعات ما يزال ضعيفاً جدًا بسبب توزع الجامعات، والمعاهد تُعدُّ معلماً قادراً على إيصال المعلومة بخلاف الجامعة التي تهتم بثقافة الطالب”
ويضيف الدكتور: “طالب المعهد إذا أراد أن يزيد من ثقافته يمكنه أن يكمل دراسته في الجامعة والفرع الذي درسه في المعهد ومعظم طلاب المعهد يدخلون سنة ثالثة في معظم الجامعات”
وعن مفاضلة المعاهد لهذا العام يقول الدكتور رامز: “مفاضلة المعاهد ارتفعت هذا العام، ففي العام الماضي كان يقبل الطالب بمجرد حصوله على معدل 50 % فقط من المجموع العام، أما هذا العام فإن المجموع المطلوب يتراوح بين 130 و140 درجة من المجموع العام للدرجات، أي بمعدل 60 % كما أن علامة الاختصاص شرط مقرون مع المعدل، فالمفاضلة مرتفعة مقارنة مع العام الماضي سواء من ناحية المعدل أو علامة الاختصاص”
إذاً السبَاق مستمر بين الجامعات العامة والخاصة المعروفة إضافة إلى جامعات خاصة حديثة الافتتاح تزعم أنها مصدقة من مجالس تعليمية عالمية، والكل يقدم عروضاً مغرية للطلاب السوريين مغفلاً أن هؤلاء الطلبة يواجهون ظروفاً صعبةً جداً كالنزوح والتهجير والفقر، إضافة إلى الهموم الناشئة عن التعليم كالخوف من مسألة غياب الاعتراف أو خوف بعض الطلاب من إغلاق جامعاتهم نتيجة للتطورات السياسية والعسكرية التي تحملها الأيام المقبلة.
والحل هو وضع قوانين صارمة وتعاون جميع الجهات التعليمية والقانونية والعسكرية للحدِّ من الفوضى التعليمية التي تُصيب الجامعات السورية وتُحولها إلى شركات تجارية مجردة عن القيمة والأهداف السامية.
رابط مفاضلة جامعة أكسفورد ذات الرسوم المرتفعة:
https://drive.google.com/file/d/1LFj2FHmXlFygFfEC2HbJsexll_eClrzj/view
1 تعليق
Pingback: Universities in Free Syria – Harakact