سيكتب التاريخ يوماً أنّ بعضنا كان يرمي فضول طعامه، كان يأكل حدّ التخمة، يقيم حفلات الشواء التي لا تنتهي، يغيّر أثاث منزله كل عام مرة أو مرتين، وفي بلده من يموت جوعاً وقهراً وبرداً .
سيكتب التاريخ أنه كان يعيش في نفس البلاد، ربما إلى الشمال قليلاً، أو إلى الشرق أو الجنوب، ربما كان جاره حقاً في بيت مجاور يبعد عنه بضع خطوات .
سيكتب التاريخ أن هؤلاء جميعاً كانت تأكلهم نفس الحرب، كانوا يستنجدون كل العالم أن يساعدهم على تخفيف محنتهم، ويسألون الله الرحمة بهم، وأيديهم لا تكاد تصل إلى بعضهم بأيّ رحمة .
سيكتب التاريخ أن بعضهم هاجر من البلاد فأصبحت وكأنها لم تكن في يومٍ بلاده، فلم يعد يشعر بأي جرحٍ كان ينزف منه هو بالأمس، صار كل همّه أن يعوض سنوات اللهو التي فاتته، بعيداً عن أي شعور بالواجب تجاه أهله وأصدقاءه .
سيكتب التاريخ أننا لم ننسى التباكي، على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، ولم ننسى مطالبة العالم أن يقوم بواجبه تجاهنا وتجاه أهلنا، ولكننا لم نفعل أي شيء سوى التباكي والكلام .
سيكتب التاريخ يوماً أننا سوريون، وكم هي مؤلمة تلك الوصمة التي ستبقى عالقة بنا، حيث كان الكثير منّا يجمع المال من على دماء أخوته، ويتشدق بالبطولة .
هذا ليس كلاماً إنه حقيقة تبدو جليةً في مضايا وحمص المحاصرة والغوطتين، وأقل وضوحاً في بقية سورية المحررة .
قد لا تستطيع الوصول إلى مضايا لتساعد الناس، ولكن هلا سألت نفسك كم من محتاج في حارتك، وبين جيرانك وأصدقائك . ساعدوا أنفسكم قبل أن تطلبوا من العالم أن يساعدكم .
تباً للتاريخ .. هذا ما سيكتبه الله ويسألكم عنه .
المدير العام / أحمد وديع العبسي