نقاتل من أجل الحرية، ونموت في سبيلها، ونسعى لجعلها قيمة عليا في مجتمعنا القادم، ثم نعود لنختلف في فهمها، ونعلن حروباً جديدة لفرض فهمنا للحرية على الآخرين، فيقاتل فريق ليفرض تطبيق الشريعة التي يراها أسمى مراتب الحرية، ويقاتل آخرون ليفرضوا ديمقراطيتهم التي تدعي الحرية، وتصير الحرية المدعاة ليست سوى إيديولوجيا من نوع جديد، يفرضها من يمتلك القوة حتى ولو كان وحده، تحت مسمى الحرية، فالحرية هي أن تكون كما أرى، أو أنك ستكون عبداً، وسأقتلك لأنك اخترت العبودية.بهذا التعقيد نفهم الحرية وندافع عنها، وكلنا يدعي الوقوف في المنتصف، متناسين أن الوقوف في المنتصف هو انحياز ما، تجاه نقطة لا تنتمي لليمين أو اليسار .حتى في إعلامنا وصحفنا، ندعي ممارسة الحرية، ونشتم الآخرين لانحيازاتهم، ونسلبهم حقهم في حرية الاختيار التي منحها الله للجميع، متناسين مرة أخرى أن الأساس في فهم الحرية وتطبيقها هو وجود الآخر، وجود الاختلاف، واحترام هذا الاختلاف وتقبله، والتعايش معه، فالمشكلة الحقيقة ليست في الانحيازات المختلفة، بل في عدم تقبل هذه الانحيازات، ومشكلتنا ليست في تنوع الحريات، بل في ادعائها عندما تصبح مطيةَ للجريمة، المشكلة الأساسية هي مع الجريمة أيّاً كان شكلها وحجمها.الحرية: هي ذلك الشيء الذي نمارس فيه انحيازاتنا بإرادة خالصة دون أن نتعرض لأي ضغوطات، إنها إرادة تنبع من ذات كل إنسان، تتقبل الآخر كما تطلب من الآخر احترامها. في بلد يتسع للجميع … المدير العام / أحمد وديع العبسي