إن القصف العشوائي الذي تتعرض له مدينة حلب ومدن سورية أخرى من قبل الرئيس الأسد وحلفائه الروس غير قانوني بموجب القانون الدولي. ووفق مسؤولية الأمم المتحدة في حماية القرار لعام 2005، فإن الأمم المتحدة ودولها الأعضاء لديها واجب في منع حدوث جرائم الحرب هذه.
ومع ذلك، يُقال لنا باستمرار أنه ما من شيء تستطيع الأمم المتحدة القيام به لأن روسيا ستستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن. وقد ازداد شعورنا بالعجز سوءاً هذا الأسبوع عند رؤية حاملة الطائرات الروسية “أدميرال كوزينتسوف” تبحر باتجاه سوريا لإحداث المزيد من المجازر فيها.
لكن هنالك مخرج، لقد كنا في هذا الوضع من قبل عندما أوقف الاتحاد السوفييتي المساعدات لكوريا الجنوبية عقب الهجوم من كوريا الشمالية.
وبغية إبطال الفيتو الروسي، صدر القرار رقم 377A – “متحدون من أجل السلام”، مانحاً الجمعية العامة للأمم المتحدة القدرة على عقد جلسة استثنائية طارئة لتجاوز مجلس الأمن بشأن انتهاكات السلام. ولم تكن تلك الخطوات موجهة ضد موسكو على الدوام. وقد استخدم القرار رقم 377A خلال أزمة السويس عام 1956 لإلغاء الفيتو الفرنسي والبريطاني كما احتُج به عشر مرات في المجمل.
إذاً، لم لا يستخدم بوريس جونسون، وزير الخارجية الذي يسعى إلى إنشاء تحالف دولي -ليس في الغرب فحسب وإنما مع الجنوب العالمي أيضاً- لم لا يستخدم هذه الآلية لنقض الفيتو الروسي وضمان الحصول على تفويض من الأمم المتحدة لإنشاء منطقة حظر للقصف (NBZ) تغطي سوريا وممرات إنسانية وملاجئ مدنية آمنة وقوات حفظ سلام؟
كما أنه من شأن توافُق الآراء هذا في الجمعية العامة أن يغير من الطريقة التي ينظَر فيها إلى الأزمة السورية على أنها مواجهة بين روسيا والغرب. وعندها سيشعر نظام بوتين والأسد بالخزي والعزلة. كما سيتعرضون لضربة معنوية كبيرة تمنعهم من إلقاء اللوم على الولايات المتحدة وحلفائها.
والحل لإنقاذ أرواح المدنيين سيكون في الاتفاق على إنشاء منطقة آمنة. فقد قتِل حوالي 1.000 من أصل 1.176 من المدنيين في شهر سبتمبر/ أيلول على يد قوات الأسد وبوتين _ نتيجة القصف في الغالب _ وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، يحذّر الخبراء من أن إقامة أية منطقة حظر للقصف سيتطلب دوريات جوية على مدار 24 ساعة. وفي حال حدوث أية انتهاكات، من قبيل اسقاط طائرات سورية وروسية، سيؤدي ذلك إلى تصعيد كبير بين روسيا والغرب.
لكن ليس من الضروري أن يكون إنشاء منطقة آمنة على تلك الشاكلة. وهذه الآلية قد تنجح؛ في حال قاومت سوريا أو روسيا إقامة تلك المنطقة، لن يكون هنالك رد تجاه روسيا. وبدلاً من ذلك، ستكون هنالك هجمات تستهدف، بعناية، الأصول العسكرية لنظام الأسد كالمدرجات والطائرات والاستخبارات العسكرية ومراكز الاتصال. بذلك يدفع النظام ثمن الانتهاكات كرادع له ولحلفائه الروس.
كما لن يتطلب إنشاء منطقة حظر القصف دوريات جوية فوق الأراضي السورية. إذ تتمتع الدول كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة بالقدرة على تتبع الطائرات في سوريا خارج المجال الجوي السوري باستخدام الأقمار الصناعية وطائرات التجسس بدون طيار. كما تستطيع الرد على انتهاكات منطقة الحظر بصواريخ موجهة تطلَق من خارج الأراضي السورية، كأن تنطلق من السفن الحربية الغربية في البحر الأبيض المتوسط.
أما بالنسبة للنتائج، سيكون هناك خطر ضئيل من وجود ضحايا مدنيين إذا اقتصرت الضربات الانتقامية على مهاجمة الطائرات ومدارج الطيران وأهداف عسكرية أخرى. وإنه لمن الصحيح، بالطبع، أن فرض منطقة حظر طيران سيفضي على الأرجح إلى مقتل بعض المدنيين عن طريق الخطأ. لكن الغارات الجوية التي شنها حلف الناتو على امتداد أشهر في ليبيا عام 2011، والتي تعدت إقامة منطقة آمنة كما أنها ليست مثالاً يحتذى به، أدت إلى 72 حالة وفاة من المدنيين وتلك المثبتة منها فقط, وفق منظمة حقوق الإنسان (ولربما كان الرقم الحقيقي أكبر لكن ليس في المئات، ناهيك عن الألوف).
أما إن قُتِل المدنيون نتيجة فرض منطقة حظر الطيران سيكون ذلك محزناً للغاية. لكن الأبرياء يموتون في الأصل بالآلاف، لذلك لا بد وأن نسأل أنفسنا أيهما أسوأ: فرض منطقة آمنة مع وجود عدد قليل من الضحايا من غير المقاتلين أم استمرار عمليات القصف الحالية التي ينفذها الأسد وبوتين والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين؟
علاوة على ذلك، إن في عدم قيام بريطانيا وبعض الدول الأخرى، بالتحرك للحصول على تفويض من الأمم المتحدة لفرض منطقة حظر للطيران، ستعطي تلك الدول، بصور افتراضية، مطلق الحرية للأسد وبوتين للاستمرار في قصف المناطق المدنية _ وهو موقف مخزٍ للدول التي تتبنى مبدأ حقوق الإنسان. فلنقم بذلك الآن.
مترجم عن صحيفة التليجراف